للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سأل أبو سفيان بن حرب - وهو على الشرك حينذاك - زيد بن الدثنة (١) حينما أخرجه أهل مكة من الحرم ليقلتوه - وكان قد أسر يوم الرجيع - (٢) أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه وإنك في أهلك؟، قال: "والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي".

فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا (٣).

وعن الشعبي قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله ، فقال: لأنت أحب إلي من نفسي وولدي وأهلي ومالي ولولا أني آتيك فأراك لظننت أني سأموت وبكى الأنصاري. فقال له رسول الله : "ما أبكاك؟ "، قال: ذكرت أنك ستموت ونموت فترفع مع النبيين ونحن إن دخلنا الجنة كنا دونك.

فلم يخبره النبي بشيء فأنزل الله ﷿ على رسوله : ﴿ومَن يُطِعِ اللَّهَ والرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصّالِحِينَ وحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء]، فقال له النبي : "أبشر" (٤)


(١) زيد بن الدثنة - بفتح الدال وكسر المثلثة بعدها نون - ابن معاوية الأنصاري البياضي، شهد بدرا وأُحدًا، وكان في غزوة بئر معونة فأسره المشركون وقتلته قريش بالتنعيم. الإصابة (١/ ٥٤٨).
(٢) الرجيع: - بفتح الراء وكسر الجيم - هو في الأصل اسم للروث، وسمي بذلك لاستحالته، والمراد هنا: اسم موضع من بلاد هذيل كانت الوقعة بالقرب منه. فتح الباري (٧/ ٣٧٩).
(٣) البداية لابن كثير (٤/ ٦٥)، وأخرجه البيهقي في الدلائل (٣/ ٣٢٦) في أمر خبيب.
(٤) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (ص ١٣) بتحقيق محمد بن عبد الوهاب العقيل، رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية. وأورده السيوطي في الدر المنثور وعزاه إلى سعيد بن منصور وابن المنذر. انظر (٢/ ١٨٢). والحديث له شاهد آخر من حديث عائشة مرفوعا بنحوه، أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (١/ ٢٦). وأبو نعيم في الحلية (٨/ ١٢٥)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٧): "رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي وهو ثقة، وله شاهد آخر من حديث ابن عباس مرفوعا بنحوه، أخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ٨٦) ح رقم (١٢٥٥٩)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٧) وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. وله شاهد من طريق آخر عن سعيد بن جبير مرسلا. أخرجه ابن جرير في تفسيره (٥/ ١٦٣). وطرق هذا الحديث يقوي بعضها بعضا. والله أعلم.

<<  <   >  >>