ب (موقعة الربض) وشنتت شمل القائمين بها، فنفى من نفى، وشرد من شرد، وغادر قرطبة جمهور من المعارضين وعديد من العلماء، ومن هؤلاء أسرة ابن الخطيب، حيث قصدت طليطلة، فبقيت بها قرابة قرن ونصف، ولما أحست أسرة المترجم له بالخطر المحدق بالمدينة- حيث أصبحت هدفا للأسبان فى أواسط القرن الخامس الهجرى (أوائل القرن الثانى عشر الميلادى) - بادرت بالنزوح عنها الى مدينة لوشة «١» مسقط رأس ابن الخطيب فى ٢٥ رجب ٧١٣ هـ (١٦ نوفمبر ١٣١٣ م) .
تربى ابن الخطيب فى أسرة عرفت بالاصالة والعلم والجاه، فقد كان أبوه عبد الله من أكابر العلماء والخاصة، كما أخبر بذلك ابن الخطيب نفسه، حيث ترجم لأبيه فى كتابه (الاحاطة فى أخبار غرناطة) فروى لنا أنه ولد فى (٦٧٢ هـ ١٢٧٣ م) واستقر حينا فى غرناطة، ثم عاد الى لوشة مقر الأسرة، ثم رجع الى غرناطة أخيرا، حيث التحق بخدمة السلطان أبى الوليد اسماعيل ملك غرناطة (٧١٣- ٧٢٥ هـ- ١٣١٤- ١٣٢٤ م) .
وقد كانت أسرته تحمل اسم «الوزير» الى أن جاء جده سعيد فعرفت باسم «الخطيب» .
ولما توفى هذا السلطان، وخلفه ابنه السلطان أبو عبد الله محمد، التحق والد ابن الخطيب بديوان كتابته أيضا، ثم بأخيه السلطان أبى الحجاج يوسف (٧٣٣- ٧٥٥ هـ- ١٣٣٣- ١٣٥٤ م) ، حيث عاصر الكاتب الكبير، والرئيس العظيم أبا الحسن على بن الجيّاب، والذي منح من قبله لقب الوزارة، وأخيرا سقط عبد الله مع ولده الأكبر- أخى لسان الدين- قتيلا فى موقعة طريف الشهيرة، التى تمخضت عن فوز الأسبان على المسلمين من الأندلس والمغرب، وسقوط كل من طريف ثم الجزيرة الخضراء وقلعة بنى سعيد، وذلك فى جمادى الأولى ٧٤١. هـ (١٣٤٠ م) .