خصوصا- عن عاصمتى كل من الاندلس والمغرب فى عصره (غرناطة وفاس) ، سالكا نفس الموضوعية تجاه كليهما، دون أن يخفى لوما فيما لاحظه من مثالب بالنسبة لهاتين العاصمتين.
ونحن نعتقد من جانبنا أن المؤلف- عند تدوينه لهذا الكتاب- قد اعتمد على مصادر ثلاثة:
١- زيارته للمدن التى تناولها قلمه:
فمن المعلوم أن ابن الخطيب كان قد وزر للسلطان يوسف الاول النصرى ٧٣٣- ٧٥٥ هـ (١٣٣٣- ١٣٥٤ م) ثم لابنه من بعده الغنى بالله محمد الخامس ٧٥٥- ٧٦٠ هـ (١٣٠٤- ١٣٥٩ م) ثم- للمرة الثانية- عام ٧٦٢- ٧٩٣ هـ (١٣٦١- ١٣٩٢ م) ، وطبيعة المنصب تقتضى تفقد الوزير هناك للبلاد والثغور الاندلسية، للوقوف على أحوالها، وحركة دولاب العمل فيها، ثم توجيه العمال وارشادهم، ومن ثم تحرير التقارير عن زياراته. كما أنه رافق سلطانه أبا الحجاج يوسف الاول فى زيارته التاريخية، والتى بدأها من غرناطة فى ١٧ محرم ٧٤٨ هـ- ١٣٤٧ م، صحبة الحاشية، وقد أفرد ابن الخطيب رسالة خاصة بهذه الرحلة، سماها:«خطرة الطيف، فى رحلة الشتاء والصيف» جاء فيها أن الركب الملكى- بعد أن غادر العاصمة- وصل الى مدينة وادى آش، وهناك استقبلهم الاهالى استقبالا رائعا، ثم اتجهت القافلة شرقا مارة ببعض المدن والحصون الهامة، مثل: بسطة، وبرشانة، وهنا صور ابن الخطيب الحالة التى كان يعانيها سكان هذه المدن، نتيجة كل من الغارات النصرانية والسيول الموسمية، ثم زار الركب مدينة «بيرة» ، أقصى الثغور على الحدود الشرقية، وقد ذكر لنا ابن الخطيب ما كان يشعر به سكان هذا الثغر من القلق والخوف، من جراء هجوم الاسبان المفاجئ بين حين وآخر، كما صور لنا وعورة موقع المدينة،