فقد تناولها تاريخيا واجتماعيا وثقافيا، وتمكن- رغم قيود السجع والجناس والكناية وغيرها- من ابراز هذه المعالم فى صورة مشوقة.
ومع ذلك، نرى أن ابن الخطيب لو أطلق لنفسه العنان فى هذا المؤلف التاريخى، وحرر نفسه من هذه القيود اللفظية التى كبل بها قلمه- لجاء وصفه للبلدان أبدع فنا، وأشمل موضوعا، فلا شك أنه حصر نفسه فى نطاق ضيق، كانت نتيجته الحتمية أن فوت علينا المؤلف انطلاقاته المعروفة عنه، فى تقصى المعانى، والاحاطة بشتات الموضوع الذي يتعرض له.
[قيمة الكتاب كوثيقة تاريخية]
توجد لكتاب «معيار الاختيار، فى ذكر المعاهد والديار» أكثر من مخطوطة، فى الاسكوريال والرباط، وفاس، وقد ورد هذا الكتاب ضمن مؤلف آخر من مؤلفات ابن الخطيب، وهو «التاج المحلى فى مساجلة القدح المعلى»(٥٥٤ الاسكوريال) ، كما ورد ضمن مؤلفه «ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب» حيث أورده المؤلف فى باب «المقامات» .
وقد ألف ابن الخطيب «معيار الاختيار» هذا عندما نفى الى المغرب مع سلطانه الغنى بالله ابن الاحمر المعروف بمحمد الخامس، حيث حلا ضيفين على السلطان أبى سالم ملك المغرب (محرم ٧٦١ هـ- ١٣٥٩ م) ولكن ابن الخطيب لم يذكر فى الكتاب تاريخ تأليفه بالضبط، وانما عرفنا الفترة التى ألفه خلالها من مؤلف آخر له، حيث ذكر به أنه دون بعض كتبه خلال سنوات المنفى الثلاث التى قضاها بمدينة سلا بالمغرب «١» .
(٧٦٠- ٧٦٣ هـ) - (١٣٥٨- ١٣٦١ م) ، ومن بين تلك الكتب «معيار الاختيار» ، وقد أدرج الغزيرى هذا المؤلف تحت رقم ١٧٧٧ بفهرس المخطوطات العربية بمكتبة الاسكوريال بأسبانيا.