أن كتاب «معيار الاختيار فى ذكر المعاهد والديار» لابن الخطيب من اطرف كتب المؤلف الشهيرة، فقد صاغه على هيئة مقامة ادبية ذات منهاج وأسلوب فنى انفرد به لسان الدين روعة وابداعا، مستهدفا وصف اهم المدن الاندلسية والمغربية جغرافيا واجتماعيا كما رآها وعاصرها فى منتصف القرن الثامن الهجرى (منتصف الرابع عشر الميلادى) . فلم تكن المقامة التقليدية لديه هدفا لذاتها من شعوذة واستجداء كما هى عند الحريرى والهمذانى وغيرهما، أو وعظ وتذكير بالدار الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب كما هى عند الزمخشرى والدمياطى وامثالهما، بل ان المؤلف كانت غايته علمية بحتة ابرزها فى صورة ادبية ثقافية ممتعة، وبالرغم من قيود السجع والمحسنات البديعية الا أن وصفه للبلدان فى مناحى شتى قد جاء فى صورة مشوقة تنبض حياة، وتتألق براعة. ويصف المقرى هذا الكتاب فيقول:
«وللسان الدين مقامة عظيمة بديعة، وصف بها بلاد الاندلس والعدوة، وأتى فيها من دلائل براعته بالعجب العجاب «١» » .
ولقد أورد ابن الخطيب «معيار الاختيار» ضمن مؤلفه الادبى الضخم «ريحانة الكتاب، ونجعة المنتاب» الذي ما يزال مخطوطا، وان كان بعض الباحثين قد قام بتحقيق اجزاء منه، فمن اشهر نسخ «الريحانة» التى ورد بها «المعيار» واقتضت طبيعة التحقيق والدراسة الرجوع اليها فى كل من المغرب (الرباط- فاس) وتونس والجزائر والقاهرة واسبانيا وروما:
١- نسختان بدار الكتب بالقاهرة.
الاولى: يوجد منها الجزء الاول وبعض الجزء الاخير فى مجلدين، وبخط مغربى، فى ثناياها ثقوب ونقص واضطراب، وهذان الجزآن مصوران بالفوتوستات عن النسخة الخطية المحفوظة بمكتبة تونس، ويقعان فى ٣٠٩ لوحة، مسجلين برقم ١٩٨٧٥ ز.