أما بعد، ساعدك السعد، ولان لك الجعد «٣» ، فان الانسان- وان انصف بالاحسان، وابانة اللسان، لما كان بعضه لبعض فقيرا، نبيها كان أو حقيرا. اذ مؤنه «٤» التى تصلح بها حاله. لا يسعها انتحاله- لزم اجتماعه وائتلافه على سياسة يؤمن معها اختلافه، واتخاذ مدينة يقر بها قراره، ويتوجه اليها ركونه وفراره، اذا رابه أضراره، ويختزن بها أقواته التى بها حياته، ويحاول منها معاشه الذي به انتعاشه، فان كان اتخاذها جزافا واتفاقا، واجتزاء ببعض المآرب وارتفاقا، تجاول «٥» شرها وخيرها، وتعارض نفعها وضيرها، وفضلها- (٩٨: أ) فى الغالب- غيرها، وان كان عن اختيار، وتحكيم معيار، وتأسيس حكيم، وتفويض للعقل وتحكيم، تنافر الى حكمها النفر، وأعمل السفر، وكانت مساوئها- بالنسبة الى محاسنها- تغتفر، اذ وجود الكمال فاضح للآمال، ولله در القائل:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء فخرا أن تعد معايبه
وبحسب ذلك:
حدث من يعنى بالاخبار ينقلها، والحكم يصقلها، والاسمار ينتقيها، والآثار يخلدها ويبقيها، والمجالس يأخذ صدورها والآفاق يشيم»
شموسها وبدورها، والحلل يعرف دورها، ويأكل قدورها، والطرف يهديها، والخفيات يبديها. وقد جرى ذكر تفضيل البلدان، وذكر القاصى والدان، ومزايا الاماكن، وخصائص المنازل والمساكن، والمقابح والمحاسن، والطيب والآسن «٧» .