فتملكتنى له رقة، وهزة للتماسك مسترقة، فهجمت على مضجعه هجوما أنكره، وراع شاءه وعكره «٣٤» ، وغطى بفضل ردنه سكره، فقلت له: على رسلك أيها الشيخ، ناب «٣٥» حنت الى حوار «٣٦» ، وغريب أنس بجوار، وحائر اهتدى بمنار، ومقرور قصد الى ضوء نار، وطارق لا يفضح عيبا، (ولا يثلم غيبا) ولا يهمل «٣٧» شيبا، ولا يمنع (١٠١: أ) سيبا، ومنتاب يكسو الحلة، ويحسن الخلة، ويفرغ الغلة، ويملأ القلة.
أجارتنا: انا غريبان ها هنا ... وكل غريب- للغريب- نسيب
فلما وقم الهواجس وكبتها، وتأمل المخيلة واستثبتها، تبسم لما توسم، وسمح بعد ما جمح، فهاج عقيما فتر، ووصل ما بتر، وأظهر ما خبأ تحت ثوبه وستر، وماج منه البحر الزاخر، وأتى بما لا تستطيعه الاوائل ولا الاواخر. وقال- وقد ركض الفنون وأجالها، وعدد الحكم ورجالها، وفجر للاحاديث أنهارها، وذكر البلدان وأخبارها-:
ولقد سئمت مآربى ... فكأن أطيبها «٣٨» خبيث
الا الحديث فانه ... مثل اسمه- ابدا- حديث
فلما ذهب الخجل والوجل، وطال المروى والمرتجل، وتوسط الواقع، وتشوفت للنجوم المواقع، وتوردت الخدود الفواقع، قلت: أيها الحبر، واللج الذي لا يناله السبر، لا حجبك- قبل عمر النهاية- القبر،- وأعقب كسر أعداد عمرك- المقابلة بالقبول والجبر، كأنا بالليل قد أظهر- لوشك الرحيل- (١٠١: ب) الهلع، والغرب الجشع لنجومه