بذلكَ منذُ الأزّلِ، ولهذا الأصلُ سيأتي توضيحُه في المبحث الثامن من هذا الفصل.
فرعٌ:
وقدْ صَحَّ الخبَرُ عن المَعصوم -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الله تعالى كلَّمَ الشَّهيدَ عبدَ الله ابن عَمْرو بن حَرام، أحدَ شهداءِ أحُد، كلَّمَهُ كِفاحاً من غيرِ حِجابٍ.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
لَمَّا قُتِلَ عبدُ الله بن عَمْرو بن حَرام يومَ أحُدٍ، لَقِيَني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال:"يا جابر، ألاَ أخْبِرُك ما قالَ الله لأبيكَ؟ ".
وفي لفظ:"يا جابِر، مالي أراكَ مُنكَسِراً؟ ".
قالَ: قلت: يا رسولَ الله، استُشْهِدَ أبِي، وتَرَكَ عِيالاً ودَيْناً، قالَ:"أفَلا أبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ الله بِهِ أبَاكَ؟ ".
قالَ: بلى يا رسولَ الله، قالَ:
"ما كَلَّمَ الله أحَداً قطُّ إلاَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، وكلَّمَ أبَاكَ كِفاحاً، فقال: يا عَبْدي، تَمَنَّ عَلَيَّ أعْطِكَ، قال: يا رَبِّ، تُحييني فَأقتَلَ فيكَ ثانيةً، فقالَ الرَّبُّ سُبحانَه: إنَّه سَبَقَ مِنِّي أنَّهم إليها لا يَرْجِعون، قالَ: يا رَبُّ فَأبْلغْ من ورائي".