إنْ كَانَ هذا الفاضلُ يعني أنَّهُ خبرُ آحاد، فهذا واسعٌ في هذه القضيَّة، وخبرُ الواحد المحتفّ بالقرائن يُفيدُ العلمَ، وأرى أنَّ القرائنَ قد أكًدتْهُ فيما ذكرتُ وأشرتُ إليه في موضعه.
وإن وقع في نَفْسِهِ من جهة المعنى في إثباتِها؛ فهو من نفسِهِ أُتيَ، وإلا؛ فإنَّا نفهمُ أنَّ من تكلَّم باختياره ومشيئتهِ سكتَ باختيارِهِ ومشيئتهِ، وما دامَ اعتقادُنا هو تعلُّقُ الكلامِ بمشيئتِهِ عزَّ وجلَّ؛ فقد زالَ المَحذورُ.
وقد ثبتَ عندنا الحديثُ به، فنُثْبتُهُ له تعالى كما نُثبِتُ له سائرَ صفاتِهِ، وأنَّهُ لا مِثْلَ له فيها، وقد ذكرتُ سلَفَي في إثباتِها، وما ائتمَمْتُ فيهِ بإمامٍ فليسَ عليَّ فيه من حَرَجٍ، ما دامت الحُجَّهُ من النَّصِّ قد قامَتْ عليه.
٢) حول النَّصِّ الذي أوردته عن شيخ الإِسلام قال أحدُ الفُضلاءِ عنِّي: "دلَّس فيه، وهذه خِيانةٌ علميةٌ، فإِنَّهُ أفهمَ أنَّ شيخ الإِسلام هو ابن تيمية، وهذه العبارة ليست من كلام ابن تيمية، إنما نَقَلَها ابنُ تيمية عن شيخ الإِسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهَرَوي).
فأقولُ: ليسَ الأمرُ على ما توهَّمهُ الشَّيخُ الفاضلُ، فإنِّي أعني ابنَ تيميَّة حقيقةً، لم أدلِّس اللَّقبَ، وقد ذكرتُ في مقدِّمة كتابي أنِّي إذا ذكرتُ (شيخ الإِسلام). فإنِّما أعني ابنَ تيمية، وهذا النصُّ الذي ذكرتُ هو له لا لشيخِ الإِسلامِ الأنصاري، نعم؛ قد وردَ كلامُ ابن تيميةَ عقبَ كلام الأنصاري، إلا أنَّهُ مفصولٌ عنه، وبيانُ ذلك كما يأتي: