للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستعاذَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرِّضا والمُعافاة وهما مَخلوقان.

والجوابُ: أن هذا الاعتراضَ من فاسدِ الفهْم الذي أدخلَه عليهم الشيطانُ -لعنه الله- وذلك أنَّهم حَسِبوا أنَّ الرِّضا والمعافاةَ من خَلْقه تعالى، جَرْياً على سُنَّتِهِم في أنَّ الله تعالى لا يقوم به اختيارٌ ولا مَشيئة، والرِّضا والمعافاةُ إنَّما يتعلَّقان بالمشيئةِ، وكلُّ ما تعلَّقَ بالمشيئة فهو مخلوقٌ.

وهذا الأصل الفاسِدُ جرَّهم إلى الوقوع في تعطيل جميعِ الصفاتِ الاختيارية، كالرِّضا، والغَضبِ، والرَّحْمةِ، والرَّأفةِ، والحُبِّ، والبُغْضِ، والإِنْعام، والانتقامِ، وغيرِها مَما يتعلَّقُ بمشيئتهِ تعالى واختيارهِ.

والحَقُّ الأبلجُ الذي يبهَرُ أبصارَ أهلِ البِدَع أنَّه تعالى تقومُ به الصِّفاتُ الاختياريةُ، كما سيأتي تقريره بأبسط من هَذا.


= (٣٥٦٦) والنسائي ٣/ ٢٤٨ - ٢٤٩ وابن ماجة رقم (١١٧٩) من طرق عن حماد بن سلمة عن هشام بن عمرو عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عليّ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقولُ في آخر وترِه:
"اللَّهم إنِّي أعُوذُ برضاكَ من سَخَطِكَ, وأعُوذُ بمعافاتِكَ من عقوبتِكَ، وأعوذُ بكَ منكَ، لا أحصي ثناءٌ عليك، أنتَ كما أثنيْتَ على نفسِكَ".
قال الترمذي: "حديث حسنٌ غريبٌ من حديث عليّ، لا نعرفه إلاّ من هذا
الوجه، من حديث حماد بن سلمة".
قلت: إسناده صحيح، وهشام هذا هو الفَزاري معروف برواية هذا الحديث،
وهو ثقة.
وقد رواه عن عليّ أيضاً إبراهيم بن عبد الله بن عَبْدٍ القاري.
أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (٨٩١، ٨٩٢).
وإسناده منقطع، إبراهيم عن علي مرسل.

<<  <   >  >>