للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستعاذة بالرِّضا والمُعافاةِ، استعاذةٌ بصفته تعالى، إذ رضاهُ تعالى صفتهُ التي يرضى بها عمَّنْ شاءَ من عبادهِ، ومعافاتُهُ صفَتُهُ التي يُعافي بها من شاءَ من عبادِهِ، والمَخلوق إنَّما هو العافيةُ الموجودةُ في الناس، والتي كانت بمعافاتِهِ تبارك وتعالى، فتأمَّل هذا رحِمَكَ الله ترشَد إن شاءَ الله.

٢ - حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

"فَضْلُ كلامِ الله على سائرِ الكلامِ كفَضْلِ الله على سائرِ خلقِهِ" (٦١).

تضمَّن هذا الحديث إثباتَ عقيدةِ السَّلَفِ (القرآن كلام الله غيرُ مخلوق) وذلك من وجهين:

الأوَّل: التفريق بين كلام الله وما سِواه من الكلام، والكلامُ إما كلامُ الله الذي هو صفته، أو الكلامُ المخلوق الذي يقَعُ من خلقِهِ، فأضافَ ما كانَ صفةً لله إلى الله، وعمَّمَ ما سِواهُ، ليشمَلَ كلَّ كلام سوى ما أضافه إلى الله، ولو كان الجميعُ مَخْلوقاً لمَا كانت هناك حاجة إلى التفريق.

والثاني: جعلَ الفَرْقَ بينَ كلام الله وكلام غيره كالفَرْقِ بينَ ذاتِ الله وذاتِ غيره، فجعلَ كلامَه مساوياً لذاتِهِ، وكَلاَمَ المخلوقِ مساوياً لذات المخلوقِ، ولو كان كلامُهُ مخلوقاً لم يساوِه بذاتِهِ، فإنَّ الله تعالى ليسَ يُساويه شيءٌ غيرُ صفاتِهِ وأسمائِهِ.

وقد احتجَّ بهذا الإِمام عثمان بن سعيد الدَّارِمِيُّ في "الردِّ على


(٦١) حديث حسن.
سبق تخريجه ص ٨٥ - ٨٦.

<<  <   >  >>