ولقد أبى بعضُ أهل البدع الاحتجاجَ بهذا الحديث على إثبات الصوت لله تعالى، وأوَّلَه بأنَّه من مَجاز الحذف، والتقدير: يأمر من ينادي. - وهذا باطلٌ من أوجهٍ: الأول: أنَّ الأصلَ في الإِطلاق الحقيقة، وهذا ربَّما وافقنا فيه المبتدع في مواضع أُخرى. والثاني: أنَّ التقدير إنَّما يُصار إله في أحد حالين: - دلالة القرينة. - عدم استقامة السياق. وكلاهما منتفٍ هُنا، فلا قرينةَ تدعو إلى هذا التقدير سِوى التنزيه في دعوى المبتدع، وهو عندنا غير مُنتفٍ، وشأنها كسائر صفات الباري تعالى، نُثْبِتُها مع التنزيه. وأمَّا السياق فهو مستقيمُ لا اضطرابَ فيه، ويؤكّده الوجهُ الآتي. والثالث: أنَّه خُروجٌ عن الظاهر بغير برهان، بلْ إنَّ البرهانَ ضِدُّه، ألا تَراه قال: "أنا المَلِكُ، أنا الديّان ... "؟ فهل يُناسبُ أن يكون هذا كلاماً لغير الله مِن مَلَكٍ أو غيرِه؟