للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥]، وهذا ظاهرٌ في كونهِ جبريلَ عَليه السَّلام.

والرابع: اتّفاقُ المفسّرينَ على أنَّه جبريلُ.

فهذه الوجوهُ التى سُقْتُها كافيةٌ للدَّلالةِ على تَعيين المُرادِ بالرَّسولِ في كِلا المَوْضعَيْن لمَنْ هَداهُ الله تعالى وبصَّرَهُ، مَعَ أنّي أرى الفرقَ بينهما ظاهرًا بأدنى تأمُّلٍ.

• معنى إضافة القول إلى جبريل ومحمد عليها الصلاة والسلام:

المُرادُ بالقوْلِ ظاهِرٌ في أنَّه القرآنُ المُنْزَلُ بهذا اللّسان العَربيّ المُبين، الذي هو تنزيلُ ربّ العالَمينَ، وإضافَتهُ إلى الرَّسولَيْنِ لأجْلِ أنَّ كُلاًّ منهما بَلَّغَهُ وأدَّاهُ، فهو قولهُ من هذهِ الجهَة، وليسَ قولَهُ بمعنى أنَّه أنَشأه وابتدَأهُ لامتناع ذلك، إذ أنَّه لو كانَ من إنشاءِ أحدِهما ونظْمهِ لمَا صحَّت إضافَتهُ إلى أحدِهما دونَ الآخر، لأنَّ كُلاًّ منهما يكونُ قَدْ أنشأه وقالَه، وهو باطلٌ.

وهو كلامُ الله بألفاظهِ ومَعانيه جَميعًا، ألقاهُ إلى جبريلَ عليه السَّلام، فبلَّغَهُ جبريلُ إلى محمَّد -صلى الله عليه وسلم-، فبلَّغهُ محمَّد -صلى الله عليه وسلم- إلى أمَّتهِ، وليس لجبريلَ عليه السَّلام ولا لمُحمَّد -صلى الله عليه وسلم- إلاَّ التبليغُ والأداءُ.

والدليل عليه من وُجوهٍ:

الأوَّل: أنَّه قال: {لَقَوْلُ رَسُولٍ} ولم يَقُلْ: لَقْولُ مَلَكٍ، أو: نَبِيّ،

<<  <   >  >>