للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخامس: أنَّه تعالى توعَّدَ بسَقَرَ مَن زَعَمَ أنّه قولُ البَشَر، كما قالَ عن الوَحيد: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدثر ١٨ - ٢٦].

ولا يَخفى أنَّه لا فَرْقَ بين أنْ يُدَّعى أنَّه قولُ البَشَر، أو أنَّهُ قَوْلُ مَلَكٍ، أو جِنّيٌّ.

والسادس: أنَّ الله تعالى خاطَبَ به العرَبَ بلسانِهم، وتحَدَّاهم أن يَأتوا بمثلهِ، أو بمِثْلِ عَشْر سُوَرٍ مثله، بل تَحَدَّاهم أن يأتوا بسوةٍ مثلهِ، كما قال: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨] وقَالَ: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود: ١٣ - ١٤] وقال {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: ٣٨]، ولم يكن ليتحدَّاهُم بغير مَقْدورٍ لهُمْ، فلمَّا أعجَزَهم الإِتيانُ بمثلهِ أو بِشَيْءٍ مِنْ مثلهِ دلَّ على أنَّه ليسَ ككلاَم البشَر، ولا ككلام الجِنِّ، وإنَّما هوَ كلامُ ربّ الإِنسِ والجنِّ.

واستقصاءُ الوجوهِ لِما ذكَرْنا يَطولُ، وفيما ذكرنا كفايةُ لمن استهدى.

وقد سَبَقَ تقريرُ العقيدةِ السَّلَفية في أنَّ القرآنَ العربىَّ وغيرَه من كَلام الله، منَ الله بدأ وإليه يعودُ، وذكرتُ لذلكَ من الأدلَّة ما فيه الكفايةُ، وإنَّما

<<  <   >  >>