للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: من قالَ لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو بمنزلةِ من قالَ: القرآنُ مخلوقٌ، وقالوا: هذه مقالَتُنا، ودينُنا الذي نَدِينُ الله به (٤٠).

ثمَّ ساق نصوصَ بعض الأئمَّةِ، ثمَّ قالَ:

"فرجَعَ كلامُ لهؤلاءِ الأئمَّةِ رضي الله عنهم في أنَّ القرآنَ مَسموعٌ من الله على الحقيقةِ، وحينَ يقرأهُ القارىءُ فلا يكونُ من لفظِ القارىءِ القرآنُ ككَلام الآدَميينَ حينَ يَلْفِظُ بهِ فيكون مخلوقاً، وكلامُ الله لا يَشْبَهُ كلامَهم لأنه غيرُ مخلوقٍ، فكذلك يُخالفُهُ في القِراءةِ" (٤١).

قلتُ: وقد رُوي إنكارُ اعتقادِ اللفظية عن إمام السُّنَّةِ محمد بن إدريس الشافعيّ، لكنْ بإسنادٍ فيه نَظَرٌ، ولا أحسَبُ ذلك كان إلاَّ في طبقةِ تلامذتهِ، كالإِمام أحمد وأقرانِهِ من الأئمَّة، فأنكروهُ وشدَّدوا فيه.

ولِذا قال الإِمام محمَّد بن جَرير الطبريُّ: "وأمَّا القولُ في ألفاظِ العباد بالقرآنِ، فلا أثرَ نَعْلَمُهُ عن صَحابِيّ مَضى، ولا عَن تابعيّ قَفا، إلاَّ عَمَّن في قولِه الشِّفا والغَناءُ، وفي اتّباعِهِ الرُّشْدُ والهُدى، ومَنْ يقومُ لَدَيْنا مقامَ الأئمَّة الأولى، أبي عبد الله أحمد بن محمَّد بن حَنبل".


= وذكر ذلك الإِمام قِوام السُّنْة إسماعيل بن الفضل عن جَمْع كبير من الأئمة ابتداءً بأحمد بن حنبل وانتهاءً بأبي عبد الله بن مَنْدَه، وقال عقب ذلك:
"فمذهبهم ومذهب أهل السنَّة جميعاً أنَّ القرآن كلام الله آيةً آيةً، وكلمةً كلمةً، وحرفاً حرفاً، في جميع أحواله، حيث قُرِىء، وكُتِبَ، وسُمِعَ" (الحجة: ق ٩٢/ ب - ٩٣/ أ.
(٤٠) كتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة" ٢/ ٣٤٩ - ٣٥١.
(٤١) "السنَّة" ٢/ ٣٥٣ - ٣٥٤.

<<  <   >  >>