-صلى الله عليه وسلم- يتعلَّمُ منه القرآن أعجَميٌّ، وهذا كلامُ عربيٌّ، فأنَّى له أنْ يُعَلَّمَهُ معَ عُجْمَتِهِ، ولو كانَ إنَّما تأتيهِ مَعانٍ مُجرَّدةٌ لأمْكَنَ الأعجميَّ أنْ يُعَلِّمَهُ المَعانيَ، ولكنَّه إنَّما كان يأتيهِ القرآنُ العَربيُّ.
وأشارَ بقوله:{وَهَذَا لِسَانٌ} إلى حاضِرٍ، وهو القرآن الذي هو تنزيلُه الذي نزلَ به جبريلُ، فأقامَ الله الحُجَّةَ على الكُفَّار بكَوْنِ هذا اللسانِ العربيّ كلامَهُ، ومحمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- مُبَلِّغٌ، وجبريلٌ عليه السلام مُبَلِّغٌ، ليس لهما وظيفةٌ إلاَّ هذهِ.
الأوَّل: الكتابُ المُفَصَّلُ هو القرآنُ العربيُّ بلا خِلافٍ.
وفي وصفهِ بـ (الكتاب) دليلٌ قاطعٌ على أنَّه القرآنُ المؤلَّفُ من الحروفِ العربيةِ، ولو كانَ معانيَ مجرَّدةً لما صَحَّ وصفه بـ (الكتاب) لأنَّه أرادَ بالكتاب: المكتوبَ (٤٥)، والمَعنى المجرَّدُ لا يُكْتَبُ حتى يؤلّفَ حُروفاً منظومةً، وتَسميةُ القرآنِ كلام الله بـ (الكتاب) جاءَت في مواضِعَ كثيرة من
(٤٥) وقد يرادُ بالكتاب ما يكتَبُ فيه، كقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: ٧٧ - ٧٨] فالكتابُ هنا ليسَ هو القرآن نفسه، وإنَّما هو ما كُتِبَ فيه القرآن، وحينئذ لا يُراد به الكلام نفسه، وهذا توضحه القرينة، ومثله لا يخفى.