للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: رَوَوْا إنكارَه القولَ: (لفظي بالقرآن غير مخلوق) في قصة أبي طالب وغيره.

وقد ساقَ البيهقيُّ القصَّةَ من رواية فُوران عن الإِمام أحمد، وكذا قصة ابن شَدَّادٍ، ثمَّ قال: "فهاتان الحكايتان تُصرِّحان بأنَّ أبا عبد الله أحمد ابن حنبل رضي الله عنه بَريءٌ ممَّا خالَفَ مذهب المحققينَ من أصحابِنا، إلاَّ أنَّه كان يستحبُّ قلَّةَ الكلامِ في ذلك، وتركَ الخَوْضِ فيه، معَ إنكار ما خالَفَ مذهبَ الجَماعةِ" (٦٥).

قلتُ: أرادَ مذهب اللَّفظيةِ، فإنَّهُ احتجَّ بإنكارِ أحمدَ على أبي طالب وابن شدَّادٍ بأنه كانَ على ضِدَّ قولهما، وأنَّ الصَّوابَ عنده أنَّ اللفظَ بالقرآن مخلوقٌ، فإنَّ هذا هو قول من سمَّاهم المحقَّقينَ من أصحابهم، أمثال أبي الحسَن الأشعريّ ومَن تَبِعَه كابن الباقلاّني وابن فَوْرَك وغيرهم.

والثالث: تأوَّلوا ما تواترَ عنه من إنكارهِ على من قال: (لفظي بالقرآن مخلوق) على ثلاثةِ معانٍ:

١ - لأنَّه قولٌ محدَثٌ لم يتكلَّمْ به السَّلَف.

٢ - أنَّه أرادَ به الجهميَّ المَحْضَ الذي يزعُمُ أنَّ القرآنَ الذي لم ينزل مخلوقٌ.

وهذا قولُ البيهقي فيما حَكاه عنه شيخ الإِسلام (٦٦).

٣ - أنَّ اللفْظ معناه الطَّرْحُ والرَّمْي، ومنه قولُك: (لفظتُ باللقمةِ) إذا


(٦٥) "الأسماء والصفات" ص: ٢٦٦.
(٦٦) "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٣٦٤.

<<  <   >  >>