للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طرحتَها وألقيتَ بها، وهذا المعنى لا تجوزُ إضافتُه إلى القرآن.

وهذا قول أبي الحسَن الأشعريّ وغيره (٦٧).

والرابع: وربَّما احتجّ بعضهُم بما رواه فُوران قال: سألني الأثرمُ وأبو عبد الله المُعَيْطي أن أطلبَ من أبي عبدِ الله خُلْوةً،، فأسألَه فيها عن أصحابِنا الذين يُفرّقونَ بين اللفظِ والمَحْكي، فسألتهُ؟ فقال: "القرآن كيفَ تصرّفَ في أقوالِهِ وأفعالِهِ فغيرُ مخلوقٍ، فأمَّا أفعالنا فمخلوقةٌ" قلتُ: فاللفظيةُ تعدُّهم يا أبا عبد الله في جملة الجَهْمية؟ فقال: "لا، الجَهميةُ الذين قالوا: القرآن مخلوق" (٦٨).

ونَحْن نجيبُ -بتوفيق الله تعالى- عن جميع هذه الظنونِ، فنقولُ:

* أمَّا الوجه الأوَّل فهو خطأ ظاهرٌ، وإفكٌ بَيِّنٌ على الإِمام أحمد، يُكَذَّبُه النقلُ المتواترُ عنه من روايةِ خاصَّةِ أصحابهِ وأهلِ بيته، فيما سُقناه آنفاً.

ولو كان ذلك من رواية ثِقَةٍ معروفٍ لَكان خطأ بيّناً، إذْ إنَّه يَلْزَمُ من قَبولِهِ رَدُّ الأخبارِ الصَّحيحةِ المُتواترةِ عنه بضدِّ ذلك، وهذا لا يقولهُ عالمٌ، ولا عجَبَ فإنَّ الأهواءَ تصنَعُ بأهلِها ما هو أعْجَب من ذلك.

* وأمَّا الوجهُ الثاني فقد أجَبْتُ عنه في المَبْحث الآتي بعدَ هذا، وبيّنتُ أنَّ سببَ إنكارِ الإِمام أحمد لإِطلاقِ (لفظي بالقرآن غير مخلوق) يرجِعُ لسَببين:


(٦٧) انظر: "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٣٦٢.
(٦٨) رواه الحاكم -كما في "سير أعلام النبلاء" ١١/ ٢٩١ - بسند صحيح.

<<  <   >  >>