للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أحدهما: كونه بِدْعةٌ محدثةٌ لم يتكلَّم بها السَّلَف.

- والثاني: لِما يوهِمُ من المَعاني الباطلةِ، كإدخالِ فِعْلِ القارىِء وصوتِهِ في ذلك.

ومذهبُ مُحقِّقيهم (!) لم يقُلْ به الإِمامُ أحمدُ ولا ارتضاهُ، بل أنكرَهُ بأشدَّ ممَّا أنكَرَ به قولَ أبي طالب الذي حكاهُ عنه، فإنَّ ما حكاهُ أبو طالب من كَوْنِ اللفظ بالقرآن غيرَ مخلوقٍ عَدَّهُ أحمدُ بدْعَةً يُهجَرُ أصحابُها, ولكنَّ قولَ من وصفهم البيهقيُّ بـ (المحقِّقينَ) أنكرَه بأشدَّ منه، وجهَّم القائلينَ به، إذ مقتضاهُ أنَّ جِبريلَ إنَّما جاءَ بشيْءٍ مخلوقٍ, لأنَّ كلامَ الله عندَهم معنى قائمٌ به، ليسَ هو لغةً عربيةً ولا غيرَها, ولا هو حروفاً ولا كلماتٍ، وهذا اللَّفظُ العربيُّ عندهم عبارةٌ عنه وهو مخلوقٌ، وجبريلُ عليه السَّلام لم يَأتِ بقرآنٍ غيرِ هذا العربيّ، فكانَ ما أتى به مخلوقاً إذاً على اعتقادِهم، وارجِعْ إلى نصوصِ الإِمام أحمدَ في إنكار هذه الضَّلالةِ في المبحث الثاني من هذا الفصل، لتعلمَ أنَّ هذه الطائفةَ التي حمَلَتْ كلامَ أحمدَ على غير مَحاملهِ قد حُرِمَت التوفيقَ في فَهْم كلامهِ.

* وأمَّا الوجه الثالث فإنَّ جميع ما ذكروهُ تأويلاتٌ فاسدةٌ.

- أمَّا أولاً فإنَّه حقٌ في نفسهِ، ولكن ليسَ هو المرادَ, لأنَّ مجرَّد كونِ القول به بدعةٌ محدثةً فإنَّه لا يَستدعي تكفيرَ القائل بهِ، وهذا المَعنى يتنزَّهُ عن مثلهِ مَن دونَ الإِمام أحمد عِلماً وفَهْماً ومعرفةً، فكيف تصلحُ إضافته إليه رحمه الله وهو مِن أنزَهِ الناس لساناً، وأصْوَبِهم مقالاً، بما آتاه الله من العِلْم والهُدى؟

<<  <   >  >>