للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وأمَّا ثانياً فإنَّما أوقعَهم في مثلهِ اضطرارُهم لتعليلِ ما وَقعوا فيه من مُخالفة عقيدةِ أحمد، وإلاَّ فإنَّ هذا التفسيرَ يردُّهُ ظاهرُ قَوْلِ أحمد رحمه الله، فإنَّه قَدْ سبَقَت حكايتُنا لقولهِ مفسَّرةً لا يَرِد عليها مثلُ هذا الحَمْلِ الفاسدِ، من ذلك قوله: "هم شرٌّ من قول الجهميةِ، مَن زعَم هذا فقد زعَمَ أنَّ جبريلَ جاء بمخلوقٍ وأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- تكلَّم بمخلوق" والذي جاء به جبريلُ وتكلَّمَ به محمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- هو هذا القرآنُ العربيُّ المعلوم عند جَميع المسلمينَ، لم يأتِ جبريل بقرآنٍ سِواه، ولَم يتكلَّم الله بقرآنٍ سِواه، وأحمدُ رحمه الله إنَّما قالَ هذهِ المقالةَ وما يُشْبِهُها في الذين قالوا بخَلْق هذا القرآن العربيّ، لا فيمَنْ قال: إنَّ القرآنَ الذي لَمْ يَنْزِل مخلوقٌ، فإنَّه ليسَ هناك قرآن لَم يَنْزِل، ولم تكن هناك جَهميةٌ يقولونَ: القرآنُ قرآنان، قرآنٌ نَزَل، وآخرُ لم يَنْزِلْ، وهما مخلوقانِ، ليُحْمَلَ قولُ أحمد على أنَّه أرادَهم، وإنَّما كانت الجهميةُ المحْضةُ يقولون: ليسَ لله كلامٌ، والله لا يتكلَّمُ، والقرآن مخلوقٌ.

- وأمَّا ثالثاً ففسادُهُ ظاهرٌ، فإنَّه لا يُساعدُ على مثلهِ ألفاظ الإِمام في تجهيم اللَّفظية، ثمَّ إنَّ لفظَ (اللَّفظ) إنما يُراد به هنا النُّطْقُ، لا لفظ اللُقمةِ، وهو أبْيَنُ من أن يخفى.

* وأمَّا الوجه الرابع فإنَّ (اللفظيةَ) لفظٌ مجمَلٌ، يُطلَق على اللَّفظيةِ النافية التي تقول: (ألفاظنا بالقرآن مخلوقة) وعلى اللَّفظية المُثْبِتة التي تقول: (ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة) وتعيينُ المُرادِ إنَّما يكون بالدليل، فتأمَّلْنا حالَ اللفظيةِ النافيةِ هل هم المُرادونَ بذلك أم لا؟ فوجدناهم غيرَ مُرادِينَ لِما يأتي:

<<  <   >  >>