إنَّ عيسى عليه السلام مخلوقٌ، خَلَقَه الله بأمْره حين قال له:{كُن} كما قالَ تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران: ٤٧] وقال: {إن مَثَلَ عِيْسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب ثُم قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران: ٥٩] فكانَ عيسى بكلمة الله تعالى وقوله (كُنْ).
فالكلمةُ (كن) لا عَيْنُ عيسى، والمُكَوَّنُ بها هو عيسى عليه السلام. وبهذا أجابَ غيرُ واحد من الأئمَّةِ.
قال قتادةُ -وهو من أئمة التابعينَ في التفسير وغيره- قوله:{بكَلِمَةٍ مِنْهُ} قال: "قوله (كن) فسمَّاهُ الله -عَزَّ وَجَلَّ- كلمته , لأنَّه كانَ عن كلمتهِ كما يُقال لِما قدَّرَ الله مِنْ شَيْءٍ: هذا قَدَرُ الله وقضاؤُهُ، يعني به: هذا عن قَدَر الله وقضائِهِ حَدَثَ"(١٥).
• الشبهة السادسة:
القُرآن تَرِد عليه سِماتُ الحدوثِ والخَلْق، وذلكَ من وجوهٍ عِدَّة:
١ - قال تعالى:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ}[النحل: ١٠١] فأخبرَ عن وقوع النَّسْخ فيه.
٢ - هو حروفٌ مُتعاقبةٌ، يَسْبِقُ بعضُها بعضاً.
٣ - لا يكونُ إلاَّ بِمَشيئةٍ واختيارٍ، فيلزَمُ منه أن تَسْبِقه الحَوادثُ،