ونحوهم، فتبيَّنوا جميعَ الاعتقاداتِ التي تُنْسَبُ إلى أشْخاص أو طوائف، حتى يحكمَ فيها الكتابُ والسُّنَّة على طريقةِ السَّلفِ من الصحابة وأتباعهم.
واعلَموا أنَّ كُلَّ لَقَبٍ أو وَصْفٍ لطائفةٍ أو جَماعةٍ لا يصحُّ أن يُقضى به على غيرِها حتى تَرِدَ به الشريعة، وإن كانَ التقليدُ مذمومًا في فروعِ المسائِل؛ فأحْرَى أنْ يُذَمَّ في أصولِها.
ولعلَّكَ بهذا تُدركُ ضَرورةَ الاجتهاد لمعرفةِ حقيقةِ المُعْتقد السَّلَفي، للتفريق بينه وبين اعتقاداتِ أصحابِ البِدَع.
ولعلَّه يحدو بكَ أكثر إلى طلب معرفة الاعتقادِ الصَّحيح ما يَشيعُ ويَنْتشرُ في بلادِ المسلمينَ مِنْ عَقائِد أهلِ الزّيغِ، الذين يتظاهَرون زورًا أو غفلةً بالانتسابِ إلى أهل السُّنَّةِ، وتُقَرِّرُ كتبهم لتُدَرَّسَ في مَعاهِد المُسلمين وجامعاتِهم على أنَّ ما فيها هو اعتقاد أهل السُّنَّة، كَما قد رأيْناه وجرَّبناهُ، فقَدْ كان مُقرَّرًا علينا في أوَّل أيام الطلب ونحنُ في مقتَبل العُمُر أنْ نَدْرُسَ "شرح العقائد النسفية" للسَّعْد التفتازاني، ولم نكن حينَها قد عرَفْنا عقيدةَ السَّلَف، ولكن الله تعالى مَنَّ علينا بشيخ فاضل هو شيخُنا أبو عُمَر عادل ابن كايد البصري رحمه الله (٩)، فشرحَ لنا اعتقادَ السَّلَف، ونَبَّهَنا لِما كُنَّا
(٩) كان رحمه الله تعالى أفضل شيوخنا، لَمْ أرَ فيهم مثله، سلفيًّا في الاعتقاد، نابذًا للتقليد، معظِّمًا لأئمة السُّنَّة، يقفو أثرَ شيخ الإِسلام ابن تيمية، وكان علاّمةً في الحديث والتفسير واللّغة، وعنه تلقّيْنا عِلمَ الحديث والعقيدة، وهو الذي حبّبَ الله إلينا علمَ السُّنَّة والحديث بسَببه، وقد نَفَعنا الله به كثيرًا، وكانت فيه بذاذةٌ وزهادةٌ، وصبرٌ على الشرح والإيضاح، توفي سنة (١٤٠٥ هـ) رحمه الله، وأدخله الجنة ووقاه من النار بمنّه وكرمه.