للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نواجههُ من عقائدِ الماتُريديَّة المُخالفة لاعتقادِ أهل السُّنَّةِ؛ فكيفَ يظنُّ أنْ يَنْشَأ الطَّلبةُ في جامعةٍ أو معهدٍ يَتَلقَّوْنَ الاعتقادَ فيه عن مبتدعٍ؟! فالله المستعانُ ولا حولَ ولا قوَّة إلاَّ بالله.

وكتابي هذا الذي بين يَدَيْكَ للتَّنبيه على خُطورَةِ البِدَع وأهلِها، والتَّبْصِير بالاعتقادِ السَّلفيّ الصَّحيح، على ما سَتراه مبسوطًا، إن شاء الله.

ومن أعْظَم ما حَدا بي لتأْليفهِ ما رأيتُه من كثيرٍ من إخْوانِنا من الحَيْرَة في شَأْنِ أهل البدع، خاصَّةً الأشعريةَ الذين ابتُلينا بهم في لهذا الزَّمان، يأْتي الواحدُ منهم في الجامعاتِ الإِسلاميةِ أو غيرِها متستِّرًا ببدعتهِ وضَلالَتهِ، فيُمَوِّهُ على الطلَبَة المتعلِّمينَ، بَلْ وعلى عامَّةِ المسلمينَ، ورُبَّما صَنَّفوا المصنَّفات، ونشروا الكتُبَ، وفي ثَناياها سُمومُهم التي تَفْتِك بالعقيدة السَّلَفيَّة فَتْكًا، وإخوانُنا في حَيْرَة: الأشعريةُ من أهْلِ السُّنَّة؟ أمْ من أهْلِ البِدْعَة؟ مغترِّينَ بما يُشوّشُ عليهم به كثيرٌ من الناسِ بأن في الأشعريةِ أئمَّةً؛ كفُلانٍ وفلانٍ، فكيفَ يصحُّ وصْفُهم بالبدعةِ؟!

سُبْحان الله! لقد كانَ الحارثُ المُحاسبيُّ مذكورًا بالعلْم والزُّهْدِ والعِبادة، ومعَ ذلك فقد تكلّمَ فيه إمامُ أهل السُّنَّة أحمد بن حنبل، ونفّرَ عنه، وحذَّرَ منه لبدعتهِ، وقد كشَفنا في كتابنا هذا عن عدّة أعيان كأبي بكر الباقلاني وغيره، صرَّحوا بما يُخْرِجُهم عن جُمْلَة أهل السُّنَّة، معَ ما عُرفوا به من العلْم والدّيانة، ولم يَزَلْ هَدْيُ سَلَفِنا في ذلك مشهورًا، وكلامُهم فيه مذكورًا، في التحذير من البِدَع وأهلها؛ صيانةً للعقيدة والشريعة.

ولقَدْ فرضَ الله تعالى العَدْلَ والإِنْصافَ، ومِنْ أعْظَم ذلك التفريقُ

<<  <   >  >>