للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٨ - محمد بن جَرير أبو جعفر الطَّبري (الإِمام الحافظُ الفَقِيه الحُجَّة).

قال القاضي أحمدُ بن كامل (وكانَ ثقةً فاضلاً): سمعتُ أبا جعفر محمد بن جَرير الطَّبري -ما لا أحصِي- يقول: "مَن قال: القرآن مخلوق، معتقداً له، فهو كافِرٌ حَلالُ الدَّم والمال، لا يرثُهُ وَرثَتُهُ من المسلمينَ، يُسْتَتاب، فإنْ تابَ وإلاَّ ضُرِبَت عُنُقُه".

فقلتُ له: عمَّن لا يَرثُهُ ورثَتُه من المسلمينَ؟

قال: "عَن يحيى القطَّان، وعبد الرَّحمن بن مَهدي" (٧٢).

قيل للقاضي ابن كامل: فلِمَن يكونُ مالُه؟ قال: فَيْئاً للمسلمين (٧٣).

فهذه بعضُ أحكامِ الأئمةِ الأعلامِ في حقّ المعتزلةِ الجَهميةِ، تُبيّنُ لكَ عن فُرقانٍ بين الحقِّ والباطِلِ، والكُفْرِ والإِيمانِ، وهؤلاء الأعلامُ مِن سادَةِ أئمَّةِ السَّلَفِ الذين كانوا أسوةَ الناس، وفيهم السَّادةُ الكبارُ الذين يَفْزَع إليهم الناسُ في كَشْف الشُّبُهات، وإبانةِ الحَقِّ مِن دينهم.

ولقد وقَعَ في كلام بعضِ الأئمَّة تكفيرُ بعض أعيان الجَهمية، فكفَّر جماعةٌ من السَّلَف الجعْدَ بن دِرْهَم -أصلَ هذه الفتنة- وآخرونَ جَهْمَ بن صَفوان -رأسَها- وآخرون بِشرًا المِرِّيسيَّ -المُنافِحَ عنها- وكفّر الشَّافعيّ رحمه الله حَفْصًا الفَرْدَ -أحَدَ دُعاتهم- وهَمّ بقَتْلهِ.

ولقد رأيتُ أقْواماً من أهل البِدَع، وربَّما اغترَّ بهم بعضُ أهل السُّنَّة،


(٧٢) أي: يأثره عنهما.
(٧٣) رواه ابن الطبري في "السنَّة"، رقم (٥١٤) بسند صحيح.

<<  <   >  >>