إطلاقِه، ونحن نقرّ أنَّه قد تُراد به المَعاني أو الألفاظُ بالقرائن، فلمَّا قيَّدَه العربيّ ههنا بالنَّفْس أخرجَه من مُطْلَق الكلام، فكيفَ يصِحُّ لكم -معشرَ الأشعرية- أن تحتجُّوا بما هو مَجاز على قواعِدكم لتقرير ما هو الحَقيقة؟
وذلك أنكم تقولونَ: ما تَصْرِفُه القرائنُ عن حَقيقته إنما هو المَجاز.
وأمَّا قَوْلُ عُمَر يوم السَّقيفة، فجوابنا عنه من وجْهين:
الأوَّل: أنَّ (التَّزوير) كما يقولُ الأصمعي: "إصلاحُ الكلام وتَهْيئتُهُ"(١٠) فمعناه إذاً: أنَّه قَدَّرَ في نفسهِ كلامًا وهيّأه لم يتكلَّم به بَعْدُ، فليس كلاماً حتى يتكلَّمَ به.
ومثالهُ: مَن يُقَدِّرُ في نفسهِ أن يعمَل عمَلًا كانْ يُصلِّي مثلاً، ثمَّ لا يفعل، فهل يقال: إنَّه صلَّى في نفسهِ؟ معَ أنَّ القَلْبَ له عمَل، كما أنَّ للجَوارح عملاً.
والثاني: لو صَحَّ ما قالوه لكان موافقاً لمَذْهَبنا لا لِمَذْهَبِهم، فإنَّهم يَعدّونَ مطلقَ الكلام كلامَ النَّفْس، أمَّا نحنُ فعندنا مطلقُ الكلام اللفظُ والمَعنى جميعاً، وقد يُرادُ أحدُهما بقرينةٍ، وهي موجودةٌ في قول عُمَر المذكور، ألا وهي التقييدُ بالنَّفْس، فكيفَ صَحّحْتم تعريفَ الكلام المُطْلَقِ بالكلام المقيَّدِ؟
وأمَّا شِعْرُ الأخْطَلِ، فالجَواب عنه من وجوهٍ:
الأوَّل: أنكرَ بعضُ العلماء كونَه من شعرهِ، وذلك أنَّهم فتّشوا دواوينَه فلم يَجِدوه فيه.