للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو محمَّد الخشّابُ نَحْويُّ العراقِ: "فتشتُ شِعْرُ الأخطلِ المدوّن كثيراً فما وجَدْتُ هذا البيتَ" (١١).

والثاني: أنَّه لم يَثْبُت نقلُه عن قائلهِ بإسنادٍ، لا صَحيحٍ ولا ضعيفٍ.

والثالث: لم يتلقَّه أهلُ العَربية بالقَبول.

والرابع: أورَدَه بعضُهم بلفظ:

إنَّ البَيانَ لَفي الفُؤادِ ... ... ... ... ... .....

وهذا يُفْسِدُ المَعْنى الذي أرادوا -كما لا يَخْفى-.

والخامس: الأخطلُ شاعرٌ مولَّدٌ، لا يُحْتَجُّ بشعرهِ في اللُّغة، وهذا معلومٌ عندَ أهل التَّحقيق.

والسادس: أنَّه نَصْرانيُّ مُثَلِّثٌ كافِرٌ، وقد ضَلَّت النَّصارى في معنى كلام الله تعالى ومُسَمَّاه، فجعَلوا المسيحَ نَفْسَ كلمة الله.

والسابع: أكثرُ من يحتَجُّ من أهل البِدَع بهذا الشِّعْر يُخْفي البيت الأوَّل, لأنه عندَ التَّحقيق حُجَّةٌ عليهم، وذلكَ أنَّ الشاعرَ حين ذكرَ الكلامَ في البيت الأوَّل ذكَره مطلقاً، ليشمَلَ اللفظَ والمَعنى، إذ الذي يُسمَعُ من الخَطيب ألفاظهُ، فأبانَ الشاعِرُ عن حقيقةِ الكلام المؤثّر الذي يقَعُ من النُّفوس مَوْقعاً بأنَّه ما اشْتَمَلَ على المَعاني التي مَوْضِعُها القَلْبُ، لا مُجَرَّدُ الألفاظ التي تُسْمَعُ من المتكلِّم، ولم يُرِدْ تعريفَ الكلام وَوَضْعَ حدٍّ له بكونه المَعاني المجرَّدة.


(١١) "العلوّ" للذهبي ص: ١٩٤.

<<  <   >  >>