للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قولِهِ، وتركْتُم الكتابَ والسُّنَّة؟! " (١٣).

وقال شيخُ الإِسلام: "كانَ مِمَّا يُشَنَّعُ به على هؤلاء أنَّهم احتجّوا في أصْلِ دينهم ومعرفةِ حقيقةِ الكلام -كلام الله، وكلام جميعِ الخَلْق- بقول شاعر نَصْرانيّ يُقال له: الأخطل:

إنَّ الكلامَ لَفِي الفؤادِ وإنَّما ... جُعِلَ اللسانُ على الفؤادِ دليلا

وقد قالَ طائفةٌ: إنَّ هذا ليسَ من شِعْرهِ، وبتقدير أن يكونَ من شعرهِ فالحَقائقُ العقليةُ، أومسمَّى لفظ (الكلام) الذي يتكلَّم به جميعُ بني آدم، لا يُرْجَعُ فيه إلى قولِ ألفِ شاعرٍ فاضِل، دَعْ أنْ يكونَ شاعراً نَصْرانيّاً اسمُه: الأخْطَل، والنَّصارى قد عُرِفَ أنّهم يتكلَّمونَ في كلمةِ الله بما هو باطلٌ، والخَطَل في اللُّغة: هو الخَطَأ في الكَلام.

وقد أنشَدَ فيهم المُنْشِد:

قُبْحاً لِمَنْ نَبَذَ القرانَ وَراءَه ... فإذا استدلَّ يقولُ: قال الأخطلُ (١٤)

وقال شيخ الإِسلام أيضاً: "ولو احتجَّ مُحْتجٌّ في مسألةٍ بحديثٍ أخرَجاه في الصَّحيحين عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لَقالوا: هذا خبرُ واحدٍ، ويكون مِمَّا اتّفقَ العلماءُ على تصديقهِ وتلقّيهِ بالقَبول، وهذا البيتُ لم يَثْبُت نقلُهُ عن قائلهِ بإسنادٍ صَحيح لا واحدٍ ولا أكثرَ من واحدٍ، ولا تلقَّاةُ أهلُ العربيَّة بالقَبول، فكيفَ يثْبُتُ به أدنى شَيْءٍ من اللغة فَضْلًا عن مسمَّى


(١٣) رواه الذهبي في "العلو" ص: ١٩٣ - ١٩٤ بسند صحيح، وفي المتن
تحريف في المطبوعة، انظر "مختصره" ص: ٢٨٤ - ٢٨٥.
(١٤) "مجموع الفقاوى" ٦/ ٢٩٦ - ٢٩٧.

<<  <   >  >>