والثاني: إنْ لم يصحّ كونُه استثناءً منقطعاً، كان كلاماً مقيّداً بالرَّمْز، فلا إشكالَ.
ذكرَ نحوَ لهذا شيخُ الإِسلام.
فهذا جملةُ ما موَّهَت به الأشعريةُ والماتُريديةُ على الأمَّة ليَلْبِسوا عليها دينَها، ولا يَخفاك ما يتَّسِمُ به من التَّناقُض والاضطرابِ.
يا هؤلاءِ نحنُ لا نختلفُ معكم في كَلامٍ مقيَّدٍ، فإنَّ القرائنَ تُخْرِجُ اللَّفظَ عن معناه إلى وجوهٍ من المَعاني، وإنَّما نَخْتَلفُ معكم في مطلق (الكلام) و (القول) وها أنتم قد عجَزْتُم عن الإِتيان ولو بحُجَّةٍ واحدةٍ تُثْبتونَ بها صحَّةَ قَوْلِكم، وتعلّقْتُم بما هو أوْهى من بيتِ العنكبوتِ، لتَنْصروا ما حَسِبْتُم كونَه حقّاً، ولَيْتَكُم تصوَّرْتُم قولَكُم وأمكَنكم صياغَتَه بتعريفٍ لتفهموه أنتم قبلَ أن تُفْهِموه خصومَكُم.
أيّ ضلالٍ هذا الذي أدخَلَه ابنُ كُلاّب وأتباعُهُ على الأمَّةِ ليُفْسِدوا به الضَّروراتِ؟ فلقد كان الناسُ في سَلامة من ذلك، ومعَ ذلك فقد قابَلوا باطلَ الجَهمية حين ظهَرَ بأحسَنِ الردّ وأبْيَنِهِ، ولم يَحتاجوا إلى هذه الضَّلالات الكُلّابية والأشعرية.
قال شيخُ الإِسلام: "ولَمْ يكن في مسمَّى الكلام نزاعٌ بين الصَّحابة والتابعينَ لهم بإحسانٍ، وتابعيهم، لا من أهل السُّنَّة، ولا مِن أهل البدعةِ، بل أوَّل من عُرِفَ في الإِسلام أنَّه جعلَ مسمَّى الكلام المعنى فقط هو عبد الله بن سعيد بن كُلّاب، وهو متأخِّرُ في زمَن محنةِ أحمد بن حنبل، وقد أنكر ذلكَ عليه علماءُ السُّنَّةِ وعلماءُ البدعةِ، فيمتنعُ أن يكونَ الكلام الذي