للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإِعرابِ والبناءِ، بخِلاف كلامِ الحَوادث" (٤٣).

ونحو هذا قول صاحب "شرح الجوهرة" (٤٤).

وهم يُرجِعونَ القولَ بتنزيهِ كَوْنِ كَلام الله حَرْفاً وصَوْتاً إلى وجوهٍ حَسِبوها من المَعقول، مبنيَّةٍ على أصُول الجَهْميَّة، هي عندَهم عَلَاماتُ الحَدَثِ والخَلْق للحَرْف والصَّوْت، فأرادوا تنزيهَ الرَّبّ تعالى عن مُشابَهةِ صفةِ الخَلْق، فألْجَاهم ذلكَ إلى مُوافَقَةِ الجَهْميَّة في حقيقةِ مقالَتِهم.

وأهمُّ تلك الوُجوه:

الأوَّل: أنَّ الحروفَ متعاقبةٌ مُتَواليةٌ، يَسبِقُ بعضُها بَعْضاً، ويَلي بعضُها بَعْضاً (٤٥).

والثاني: أنَّها لا تكونُ إلاَّ بمَخارجَ من لسانٍ وشَفَتَيْنِ وحَلْقٍ وجَوْفٍ (٤٦).

قال البَيْهقيُّ -وهو مَعَهم على جَلالته في الفِقْهِ والحَديث-: "إنْ كانَ المتكلّمُ ذا مخارج سُمِعَ كلامُه ذا حُروفٍ وأصْواتٍ، وإنْ كانَ المتكلّمُ غيرَ ذي مَخارج سُمِعَ كلامُه غَيْرَ ذي حُروفٍ وأصْواتٍ، والباري جلَّ ثناؤُه ليسَ بذي مَخارج، وكلامُهُ ليسَ بحَرْفٍ ولا صَوْتٍ، فإذا فَهِمْناه ثمَّ تَلَوْناهُ، تَلَوْناهُ


(٤٣) "كفاية العوام" ص: ١٠٢.
(٤٤) "شرح الجوهرة" ص: ٧١.
(٤٥) "مشكل الحديث" لابن فورك ص: ٢٠٢ و"الإنصاف"للباقلاني ص: ٩٩.
(٤٦) "الإِنصاف" ص: ٧٩، ١٠٣.

<<  <   >  >>