العبد يشتَمِلُ على حروفٍ، وهو يتكلَّمُ بصَوْتِ نفسهِ.
فهذه الصفاتُ لها ثلاثُ اعتبارات:
تارةً تُعْتَبر مضافةً إلى الربّ.
وتارةً تُعْتَبر مضافةً إلى العبد.
وتارةً تُعْتَبر مطلقةً لا تخْتَصُّ بالربّ ولا بالعَبْدِ.
فإذا قال العبدُ: حياةُ الله، وعلمُ الله، وقدرةُ الله، وكلامُ الله، ونحو ذلك، فهذا كلُّه غيرُ مخلوقٍ، ولا يُماثِلُ صفاتِ المَخلوقين.
وإذا قال: علمُ العبدِ، وقدرةُ العبدِ، وكلامُ العبدِ، فهذا كلُّه مخلوقٌ، ولا يُماثِلُ صفاتِ الرَّبِّ. وإذا قال: العلمُ، والقدرةُ، والكلامُ، فهذا مُجْمَلٌ مطلَقٌ لا يقالُ عليه كلهِ: إنَّه مخلوقٌ، ولا إنَّه غيرُ مخلوق، بل ما اتَّصفَ به الربُّ من ذلك فهو غيرُ مخلوقٍ، وما اتَّصفَ به العبدُ من ذلك فهو مخلوقٌ، فالصفة تتبَعُ الموصوفَ، فإنْ كانَ الموصوفُ هو الخالق فصفاتُهُ غيرُ مَخلوقةٍ، وإن كان الموصوفُ، هو العبدَ المخلوقَ فصفاتُهُ مخلوقةٌ" (٥٠).
وقد سبقَ إيرادُنا لقول الإِمام أحمد في ذلك، حين سألَه الحافظُ أحمد بن الحسَن التّرمذيُّ، قال: قلتُ لأحمد بن حنبل: إنَّ الناسَ قد وَقَعوا في أمْرِ القرآن، فكيف أقولُ؟ قال: "ألَيسَ أنْتَ مخلوقاً؟ " قلتُ: نعَمْ، قال: "فكلامُكَ منكَ مخلوقٌ؟ " قلتُ: نعَمْ، قال: "أوَ لَيسَ القرآنُ من كلام