للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو المُراد بقولِهم: القرآنُ حادثٌ، ومَدلولُهُ قديمٌ، فأرادوا بمَدْلولهِ الكلامَ النَّفسيَّ، وتكفي الإِضافةُ الإِجماليةُ وإنْ لم يكن اللفظيُّ قائمًا بالذَّاتِ" (٦٨).

وقال صاحب "الجوهرة":

فكلُّ لَفْظٍ للحَدوثِ دَلَّا ... احْمِلْ على اللَّفْظِ الذي قَدْ دَلَّا

فقال الباجوري في "شرحهِ": " (على اللفظ) أي على القرآنِ، بمعنى: اللفظ المُنْزَل على نبيّنا -صلى الله عليه وسلم-، المُتَعَبَّد بتلاوتهِ المُتحدّى بأقصَرِ سورةٍ منه، والرَّاجحُ أنَّ المنزَلَ اللفظُ والمعنى، وقيل: المُنْزَل المعنى، وعبَّر عنه جبريلُ بألفاظٍ من عنده، وقيل: المنزَل المعنى، وعبَّر عنه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بألفاظٍ من عندِه، لكن التحقيق الأوَّلُ، لأنَّ الله خلقَهُ أوَّلًا في اللَّوْح المَحْفوظِ، ثمَّ أنزلَه في صحائفَ إلى سَماءِ الدنيا، في مَحَلٍّ يقالُ له: بيتُ العزَّة، في ليلةِ القَدْر، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثمَّ أنزَلَهُ على النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- مُفَرَّقًا بحسب الوقائع".

حتى قال: "والحاصِلُ أنَّ كلَّ ظاهرٍ من الكتابِ والسُّنَّة دلَّ على حدوثِ القرآن فهو مَحْمولٌ على اللفظِ المَقروء، لا على الكلام النَّفْسي" (٦٩).

قلت: يَعْنونَ بهذا قولَه تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} وما في مَعناه مما ذكَرْناهُ عن أسْلافهم الجَهمية في الفصل


(٦٨) "شرح الجوهرة" ص: ٧٣.
(٦٩) "شرح الجوهرة" ص: ٩٥.

<<  <   >  >>