للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلافِ ما يعتقدونَ، وهم في ميزانِ الأشعريَّةِ مُشَبّهةٌ مُجَسّمةٌ، معَ أنَّهم عالَةٌ على أكثرِهم في الفِقْهِ والعِلْمِ.

وفي الجُمْلة فإنَّ قولَ الأشعريَّة والماتُريديَّة في كلام الله تعالى، ليسَ هو قولَ السَّلَف، بل ولا يعْرفُه السَّلَفُ، وإنَّما هو اعتقادٌ مبتَدَعٌ زائغٌ، موافِقٌ في حقيقةِ الحالِ لاعتقادِ الجَهْميَّة الذين كفَّرهم السَّلَفُ وهَجَروهم، وأمَروا بهَجْرِهم، وإظهارِ باطِلِهم والتَّحْذيرِ منهم.

قال شيخُ الإِسلام: "وإنكارُ تَكَلُّمِ الله بالصَّوْتِ وجَعْلُ كلامهِ معنًى واحدًا قائمًا بالنفس بدْعَةٌ باطلةٌ لم يذهَبْ إليها أحدٌ من السَّلَف والأئمَّةِ" (٣٨).

وقال: "وهؤلاء يردُّونَ على الخلْقيَّةِ -يريدُ المعتزلةَ- الذينَ يقولونَ: القُرآن مخلوقٌ، ويقولونَ عن أنْفُسِهم: إنَّهم أهْلُ السُّنَّة المُوافقونَ للسَّلَف الذين قالوا: إنَّ القرآنَ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، وليسَ قولُهم قَوْلَ السَّلَف، لكنْ قَوْلُهم أقْرَبُ إلى قَولِ السَّلَفِ من وجهٍ، وقَوْلُ الخَلْقيةِ أقْرَبُ إلى قَوْلِ السَّلَفِ من وجْهٍ" (٣٩).

قُلْتُ: وهذا القرْبُ لا يَجْعَلُهم من أهْلِ السُّنَّة، كما أنَّ قُرْبَ المعتزلةِ لم يَجْعَلْهم من أهْل السُّنَّة.

وقالَ شيخ الإِسلام أيضًا: "فكُلُّ من المُعتزلةِ والأشعريَّةِ في مسائل كلامِ الله وأفعالِ الله، بل وسائِر صفاتهِ، وافَقوا السَّلَفَ والأئمَّةَ من وجْهٍ،


(٣٨) "مجموع الفتاوى" ٦/ ٥٢٨.
(٣٩) "مجموع الفتاوى" ١٢/ ١٣٢.

<<  <   >  >>