وعليهِ , فتناولي لقضيَّةٍ تُعَدُ من أبرزِ مسائل الاعتقادِ وأشدَّها خُطورةً من بابِ الاشتغالِ بأداءِ الواجبِ في تصحيح عقائد المسلمينَ.
ومن الناسِ من يقولُ: لا يلزمني معرفةُ العقائدِ المُبْتَدعةِ والاشتغالُ بتعلُّمِها، ويكفيني أن يكونَ اعتقادي هو اعتقادَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ المأثورَ عن السَّلَفِ.
فأقولُ: نعم؛ الأمرُ كذلكَ إذا تيقَّنتَ الصَّوابَ من عقيدةِ السَّلَفِ، وأخذتَها عن أهلِها لا عمَّن ينسبونَ إليهم الاعتقاداتِ المُبتَدَعة يلبِسونَ بها على النَّاس، فإن حصَّلْتَ ذلكَ لم يلزمْكَ معرفةُ اعتقادات الطوائف، واللهُ تبارَكَ وتعالى إنما كلَّفَكَ باتِّباع ما بعثَ به نبيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - من الهُدى ودينِ الحقِّ قبلَ البدَعِ والأهواِءِ، واتِّباعِ سبيلِ المؤمنينَ، وإلا كانَ الأمرُ:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥].
وكتابي لهذا ليسَ في الردِّ على الطَّوائِف المُبْتَدِعَةِ فَحَسْب، بل الأصلُ في وضعِهِ شَرْحُ اعتقادِ السَّلَف، وقد صدَّرْتُهُ بذكر العقيدة السَّلفيَّة مُبيَّنةً بأيسر عبارةٍ، ببُرهانِها من الكتابِ والسُّنَّةِ وتفسيرِ السَّلفِ، ممَّا يلزمُ أهلَ الإِسلامِ اعتقادُه، ثُمَّ بعدَ ذلِكَ عَرَّجتُ على ذكرِ ما يُضادُّها ويُخالفُها، ممَّا يجدُرُ بكَ أن تَعْلَمَهُ، فإن لم تحرِص عليهِ. فهو لمن يهمُّه من الدُّعاةِ أهل السُّنَّة المشتغلينَ بتصحيح عقائد المسلمينَ، أو لمن جانَبَ الصَّوابَ من أَهلِ البدْعَةِ إقامةً للحجَّة ودَحضاً للباطلِ.
ومن هؤلاءِ الناسِ من حدَّثني قائلاً: لقد شَدَّدتَ في كتابِكَ على الأشعريَّةِ خاصَّةً أكثر من غيرِهم!