وربَّما عَدَّى البعضُ ذلكَ التَّشديد إلى الأعيانِ، لكني نبَّهتُ في خاتمة كتابي هذا على أنَّ الحُكمَ على العقائد والطَّوائف لا يلزَمُ منه الحكمُ للمعَّينِ من الناسِ ممَّن ينتسبُ إليها.
وأنا إنَّما ناقشْتُ العقائدَ لا الأفرادَ، ولذا تجدُ في كتابي هذا إطلاقَ ما أطْلَقَهُ أئمَّةُ السُّنَّة:(من قالَ كذا, فهوكافر) ,ولكنَّكَ لن تجدَ حُكمي على قائلٍ مُعيَّنٍ بالكُفر.
نعم؛ قد نقلتُ أنَّ من السَّلَفِ مَن كَفَّرَ بعضَ أعيانِ الأفراد، غير أنَّ ذلكَ فيما عَلِموهُ وقامَت لهم به الحُجَّةُ على مَن كفَّروهُ، وإلا, فالأصلُ:
أنَّ مَا اختلف فيهِ أهلُ القِبلةِ من العقائد، قد تكونُ العقيدةُ منه لا تُخرِجُ عن أهلِ السُّنَّةِ فحسْب، بل تُخرِجُ من الإِسلامِ كُلِّهِ، غير أنَّ هذا الحكمَ على العقيدةِ لا على عَيْنِ معتقِدِها, لجوازِ أن يكونَ معذوراً.
ومِن أبطلِ الباطلِ وأظلمِ الظلمِ تنزيلُ النُّصوصِ العامَّةِ في التَّكفير وشِبهِهِ على الأعيانِ من المسلمينَ لمُواقَعَتِهم لذلكَ، خاصَّةً في هذا الزَّمَانِ لغَلَبَةِ الجَهْلِ، قبلَ أن تقومَ عليهِ الحُجَّةُ الشُّرْعِيَّةُ ممَّن هو أهلٌ لإقامَتِها, لا من الصبيانِ في العِلمِ وأتباعِ الخوارج، وتكون الحُجَّةُ قد بلغَت وفَهِمَها المُبَلَّغُ، في تفصيلٍ ليسَ لهذا موضعُهُ.
والمرادُ أنَّ ما تناولتُ به أهلَ البدَعِ إنَّما هو الاعتقاداتُ والأقوالُ، معَ أنِّي أرى الوَصْفَ بالبدعةِ لمُواقِعِها ليسَ من بابِ (الحكمِ للمعَّين بالكُفر) لتعدّي الحُكم بالكُفر إلى الباطِن، بخِلافِ البِدْعَةِ؛ فإنَّها حكمٌ على