للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوَحْيُ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحْياناً يأتيني مِثْلَ صَلْصَلةِ الجَرَسِ وهو أشدُّهُ عَلَيَّ، فيفْصِمُ عَنِّي وقَدْ وَعَيْتُ عنهُ ما قالَ، وأحْياناً يتمثَّلُ ليَ المَلَكُ رَجُلاً فَيكلِّمُني، فأعِي ما يَقولُ" (٢٢).

ولَقَدْ أتى مَرْيَمَ عليها السَّلام بصُورةِ بَشَر، كمَا قالَ تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: ١٧ - ١٩].

وجاءتْ الملائكةُ رسلُ الله إلى إبراهيمَ ولوطٍ عليهما السَّلام بصورةٍ بشريّة، كما حكى الله في سُورةِ هودٍ وغيرِها.

وإنَّما كانَ ذلك يَقَعُ كذلكَ لأنَّ البشَر يأْنَس جِنسَه، ولا يَرتاعُ لرؤيته، ففيه من تهدئةِ القلبِ ما لا يكونُ لو أتى بصورة المَلَكِ، ومنْ طبيعةِ بني آدمَ النفرةُ من الأمورِ غيرَ المألوفة، ولذا كانت هذه من حكمةِ الله تعالى في إرسال الرُّسلِ إلى البشر من أنفسِهم، كما قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا


(٢٢) حديث صحيح.
أخرجه مالك في "الموطأ" ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣ وأحمد ٦/ ١٥٨، ١٦٣، ٢٥٦ - ٢٥٧ والبخارى ١/ ١٨ و ٦/ ٣٠٤ ومسلم ٤/ ١٨١٦ - ١١٨٧ والترمذي رقم (٣٦٣٤) والنسائي في "المجتبى" ٢/ ١٤٦، ١٤٧ وفي "الكبرى" كما في "فضائل القرآن" له رقم (٤) وكما في "تحفة الأشراف" ١٢/ ١٩٣ - ١٩٤ من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ... الحديث.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

<<  <   >  >>