للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر وصول رسل ليفون بالتضرع والاستعطاف وتضعيف الخراج والتنصّل من التمادي الذي أجيز في الخدمة

حين قفل السلطان راجعا إلى الممالك المحروسة خرج ليفون من مهربه، وتشاور مع بقايا الخواصّ في تدارك تلك الرزيّة، فلم يجدوا جميعا من وسيلة سوى طريق إظهار التذلّل. فجهزّ هدايا من كل نوع وسيّرها في صحبة الكفاة، وكان مضمون رسالته: «إذا كان المغرضون قد نقلوا عنّي سوءا إلى مسامع ملك العالم فها أنذا قد نلت جزائي، فالأمراء صرعى والملك قد أدبر والجيش بأسره قد تبدّد بالقتل. والمتوقّع- لما عرف به السلطان من مرحمة سابغة- أن يتجاوز عن ذنبي ويصفح عنه/. (والحقيقة أن السلطان كان سينزع عني «ولاية سيس» ويعطيها لآخر، فما أنا إلا مملوك وابن مملوك، وأنا بعد هذا أضع حلقة العبوديّة في أذني (١)، وأضاعف الخراج، وأبعث كل عام- بخلاف المعهود- بخمسمائة فارس بكامل عدّتهم لكي يوجّههم السلطان حيث شاء).

وتشفّع [تكور] بعدد من الأمراء الكبار لقضاء هذه المهمة، حتى توسّطوا جميعا- بالاتفاق- لدى عتبة العرش الأعلى، وأزالوا ما علق بالخاطر الأشرف للسلطان العادل من غبار الوحشة. وتقرر أن يرسل إلى الخزانة العامرة كلّ سنة عشرون ألف دينار برسم الخراج، مع التّحف والأحمال التي تكون لائقة بذلك، وأن يؤدي ما بقي عليه من خراج العام الماضي. وألا يهمل بعد اليوم في أي أمر من أمور الولاء مهما دقّ وصغر.

ووفقا لهذه الشّروط أقرّه السلطان على ملك «سيس»، وحلف الأيمان،


(١) قارن أ. ع ١٦٧.