وأذاقوا شربة الموت لأضعاف عددهم. وفي النهاية حين فرغت الكنائن من السّهام، ولم يبق في الجعاب نصال تشبه الشّهب، اضطروا إلى الترجّل عن خيولهم، واتّقوا الصّفاح بالكفاح، فصار بعضهم قتيلا وكسيرا وبعضهم الآخر مأخوذا أسيرا.
وحين جيء بالأمراء الذين دخلوا في زمرة الأسرى إلى الخوارزمشاه، أمر بوضع الوهق في أقدامهم ورقابهم، وتوقيفهم إلى أن تعرف عاقبة الحرب ولمن النّصر والظّفر.
ثم إنه استدعى «أرزن الرومي»، وفاتحه في عنف مقاومة تلك الشّرذمة القليلة، فأجابه بقوله: كان هؤلاء الفرسان يمثّلون ظهر الجيش الرّومي، أما وقد هزم وانكسر بفضل الله، فإن مملكة الرّوم ملك للسلطان.
وخرج بضعة أفراد من الاشتباك، وكانوا يعرفون الطريق، فلحقوا بجيش السلطان، وقصّوا عليه القصّة برمّتها، فطلب السلطان الملك الأشرف، ورسم صورة الواقعة على لوح مخيلّته، فلم ينفعل الملك بذلك المقال، وأظهر الثّبات كالجبال، وقال: أجل، إن الجيش الذي ينكسر أولا يكون النّصر حليفه في النّهاية، ويتعين على السلطان أن يطمئن قلبه من هذه النّاحية تماما، فسوف يتمّ الردّ على تلك الطائفة الحاقدة بفضل الحقّ- تعالى- ومواتاة الحظّ.
ذكر حركة الرّايات المنصورة للسلطنة وانكسار الطليعة الخوارزمية
وفي اليوم التّالي أرسل جيش العرب مع فوج كبير من مشاهير الأبطال كتقدمة، بينما اختار «الخوارزمي» جيشا هائلا ذا عظمة وجلال لتسقّط