للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر توجه السلطان علاء الدين إلى قونية]

حين تم إحكام قواعد الأمور، عزم السلطان بالطالع المسعود على التوجّه إلى العاصمة «قونية» مقر عرش البلاد، فلازم أمير المجلس ركاب السلطان حتى «كدوك»، وأقام هناك ضيافة ملكيّة رائعة وقد زيّن السلطان المجلس، وأخذوا في الطّرب وهم في غاية البطر من الطعام. وفي اليوم التالي ألبسه السلطان خلعة ثمينة، وأرسله إلى «سيواس»، وجاء هو إلى «قيصرية».

وكان سيف الدين أبو بكر ابن «حقّه باز» «سوباشي» (١) قيصرية قد أخبر أعيان المدينة ووجهاءها لكي يقيموا القصور المتحرّكة والسّاكنة ويتوجهوا للاستقبال عند «جبق» فلمّا رأوا راية السلطان، نزلوا وقبّلوا الأرض، ونالوا شرف تقبيل اليد الشريفة، ودخلوا المدينة في الرّكاب السلطاني «كالفراش المبثوث» (٢)، ودخل الملك «كيقباد» المدينة بين «كيخسرو» و «قباد» (٣)، ونال التمكّن في مهاد كرامات الأجداد وانتثر الدّرهم والدّينار بل اللؤلؤ الثمين على المليك كقطرات أمطار الربيع، وجعل «ابن حقه باز» كلّ درّ كريم كان يمتلكه في صندوق الثروة ووصلت إليه يد الإمكان فداء ونثارا لمقدم المليك.

وأقام السلطان هناك بضعة أيام ثم انصرف على صهوات الإقبال ومناكب الجلال إلى «آقسرا» فلما بلغ رباط «پروانه» اندفع المقيمون في «آقسرا» وهم في


(١) «سوباشي»: كلمة تركية، وواضح أنها كانت وظيفة من وظائف الأمن في دولة سلاجقة الروم، وانتقلت إلى الدولة العثمانية، والسوباشي هو: من يقوم بحفظ الأمن والنظام في المدينة أو القصبة» (الدكتور حسين مجيب المصري: معجم الدولة العثمانية، مصر ١٩٨٩، ص ١١٩).
(٢) تضمين من سورة القارعة: الآية ٤.
(٣) يعني محاطا بأعاظم الرّجال. و «كيخسرو» و «قباد» من ملوك الفرس القدماء.