للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر عبور السلطان غياث الدين مسعود بن كيكاوس من بحر الخزر إلى بلاد الرّوم في شهور سنة تسع وسبعين وستّمائة

حين شدّ السلطان المغفور له «عزّ الدين كيكاوس» - أنار الله برهانه- رحاله من البلاد بسبب ما تنطوي عليه دخائل الجاحدين من كيد وجبلّتهم من خبث، أقام زمنا في «استنبول»، ثم وقع من هناك بيد «القفجاق». وأبدى- طيلة ثمانية عشر عاما- تجلّدا واصطبارا لما لقيه من حوادث الزّمان، فلقد استولت عليه في النّهاية أمراض مهلكة مردية، وأصبح ارتحاله إلى دار القرار أمرا محقّقا.

وحينذاك استدعى أولاده، وأمر بأن يجتمع لديه كلّ الخدم- الذين كانوا أعوان الهجرة وأنصار الغربة- ثم التفت نحو ابنه الأكبر السلطان غياث الدين مسعود- الذي هو الآن سلطان الرّوم- وقال: ولدي الحبيب/ اعلم أنه حين سمع أبي «غياث الدين كيخسرو بن كيقباد» نداء ملك الموت، وأجاب داعي ارْجِعِي (١)، أجلسني أمراء الدّولة على العرش، فنشأت وترعرعت بحسن تربيتهم، وكان الملك معمورا والرعيّة مسرورة طالما استمعت إلى نصحهم،

فلما خطوت بعيدا بضع خطوات، وفتحت ذراعيّ لهواي (٢)، وأصبحت خليع العذار (٣) بسبب ظهور [شعر] العذار (٤)، وحطّمت ما للأمراء القدماء


(١) إشارة إلى قول الله- تعالى-: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ..» (الفجر: ٢٨).
(٢) قارن أ. ع ٧٣٦.
(٣) تعبير عربي، وكذا في الأصل، و «خلع فلان عذاره: انهمك في الغيّ ولم يستح، وعذار الغلام جانب لحيته» (المعجم الوسيط).
(٤) في الأصل «غدّار»، وهو تصحيف بلاشك.