بالإمساك، وأمر الوزير بأنه إذا توجّه الملك الأشرف صوب مقر إقامته أرسل في إثره إلى الخيمة بكل آلات الحفل وخلعة ملكيّة قيّمة وحصانا يسابق الريح بطوق ولجام، وبأن يحسن إلى كل إخوانه بما يبقي ذكره أبد الدهر، فأنفذ الصّاحب الأوامر المطاعة.
وفي اليوم التّالي حين أخذت براعم الأرجوان تتفتّح في الروضة زرقاء اللون، توّجه السلطان إلي المدينة، فلما اقتربوا من البّوابة نزل الملك من فوق الحصان ووضع «غاشية» السلطان على كتفه (١) كما نزل كلّ ملوك الشام وأخذوا يسيرون في ركاب السلطان إلى أن بلغوا وسط الميدان. فلما رغب السلطان في اللعب بالصّولجان، كان الملك الأشرف كلما تصادف وسقط الصّولجان من يد السلطان، نزل من فوق حصانه/ ونفض عن الصّولجان الغبار بأطراف لحيته الشّريفة، وقبّله ثم سلّمه للسلطان، وعندما كانوا يسحبون حصان السلطان كان الملك يقبّل الأرض، ثم يعاود الرّكوب.
ذكر توجّه السلطان والملك الأشرف مع العساكر المنصورة نحو «ياسي چمن» لمحاربة السلطان «جلال الدين»
في اليوم التّالي حين طلع الصّبح الصّادق من أفق المشرق، وجرّد ملك الكواكب السيّارة حسامه المصقول من غمده عازما على الغزو، تعالى هدير الطّبول، من تلقاء أعتاب السلطان، وبفأل حسن ويوم ظفر سارت المظلّة المنيرة
(١) «وهي غاشية سرج من أديم مخروزة بالذّهب، … تحمل بين يديه عند الركوب في المواكب الحفلة كالميادين والأعياد ونحوها، يحملها أحد الركابدارية، رافعا لها على يديه يلفتها يمينا وشمالا» (صبح الأعشى ٤: ٧).