للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر تزوّج السلطان بكريمة من ذرّيات الملك فخر الدين بهرامشاه بن داود ملك أرزنجان

لما كان السلطان قد التزم بانتهاج الأوامر الإلهية والامتثال للأحكام النبوية في كل آرائه وعزائمه، فإنه كان يريد- بحكم النصّ: «تخيروا لنطفكم فإنّ العرق دسّاس» أن يزدان حريمه الكريم بوجود جوهرة تتألّق في الليل البهيم قد ربّيت في صدف العصمة، حسيبة الأبوين، كريمة الطرفين، وأن يجلسها إلى جانبه على سدّة السلطنة بهذه الصّفة الموزونة المتناسبة، فأجال بريد الفكر حول أطراف الدنيا، ولم يجد أسرة أشدّ احتراما وجلالا من أسرة الملك فخر الدين بهرامشاه، لأن تلك الصّدفة المشتملة على درّة الغوّاص ويتيمة الدهر كانت قد استخرجت من «عمان» الفضل والإحسان (١) والأصلاب الطّاهرة والأنساب الزّاهرة للسلطان قلج أرسلان، وانبعثت من جرثومة سلجوق (٢)

ولما لم يجد بعد طول الاستخارة ويمن الاستشارة فوق هذا الاختيار مزيدا، رتب الأفانين من الهدايا الثّمينة والتّحف النّفيسة الضّنينة من الخزانة العامرة، وندب واحدا من أولي الألباب للمفاتحة في هذه الخطبة (٣)، وأرسل تلك الأحمال والهدايا في صحبته.

فلما وصل الخبر للملك [فخر الدين] ابتهج واستقبل الرسول بنفسه، وأنزله بالإعزاز والتّكريم في بيت الضيافة، وعدّ المبالغة في احترام جانبه من


(١) استخدم المؤلف «عمان» بمعنى البحر الذى تستخرج منه اللآلىء والدرر.
(٢) سلجوق: الجد الأعلى للسلاجقة.
(٣) قارن أ. ع، ص ١٧٣.