رسالة اعتذار إلى السلطان، فلما وصل إلى هناك نصره الله تعالى، وألحق الدّمار بالكفّار، فأرسل الملك الأشرف، والملك الجواد (١)، والملك الغازي، والملك المغيث، والملك العزيز لحضرة السلطان.
[ذكر استقبال السلطان للملك الأشرف ولقائهما رحمهما الله تعالى]
أمر السلطان بأن يحمل إلى منزل الملك الأشرف خيمة ملكية كأنّها الجبل يشكو الفلك من ارتفاعها، وأن تضرب على حافّة نهر جار في منطقة المروج، وأن تهيّأ الخزانة وعدّة الفراش والطّست والشراب والمطبخ بمعدات ذهبيّة كأنها مفردات كنز بالغ الروعة، وما يلحق بذلك من أدوات ولوازم تليق بالسلاطين.
ونهض السلطان للاستقبال، فلما بدت المظلّة السلطانية نزل الملك الأشرف من فوق الحصان وتطلّع نحو السلطان، فلما اقتربا ورأى السلطان الملك الأشرف واقفا على قدميه نزل، فوضع الملك الأشرف رأسه على الأرض في عدّة مواضع.
ثم إنهما ركبا بعد المعانقة والملاثمة، وأخذ السلطان في التلطّف معه، وقال: إن الملك قد تجشّم مشقّة السير، وناله الكثير من التّعب، والمأمول أن تكون ميامن حركات أقدامه وبركات أعلامه سببا في زيادة عظمة إيوانه، فنزل الملك من جديد وقبّل الأرض ثانية، فأشار السلطان بأن يقدّم بغل سريع السّير بطوق ولجام، فركبه الملك وأخذ في تجاذب أطراف الحديث مع السلطان، وكان الأمير كمال
(١) وهو الملك الجواد مظفّر الدين يونس بن مودود ابن الملك العادل الأيوبى، يقول عنه ابن واصل فى كتابه: «مفرج الكروب فى أخبار بنى أيوب» (٣: ٢٧٤): «وكان فى خدمة عمه الكامل .. وكان جوادا إلى الغاية، شجاعا».