للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر التّوتر الذى وقع بين الصّاحب الإصفهاني وشرف الدين الأرزنجاني

كان السّبب في ذلك أن المتعاقلين (١) من أهل الفضول تكلّموا- رغبة في ترويج سوقهم- عن تزويج الصّاحب بوالدة السلطان. وسارعوا- في التوّ والّلحظة- بنقل الأمر من مجرّد الفكر إلى حيّز العمل، فتمّت مراسم النّكاح ونثر السّكر دون أن يكون «لشرف الدين» أدنى علم بذلك. فأنف «شرف الدين» وبقيّة أمراء الرّوم من هذا الأمر، ولمعت آثار تلك الأنفة على جباه الحميّة عندهم. وفتل «شرف الدين» أسباب العتاب مع الصّاحب في ذلك الباب وعدّ المؤاخذة عن ذلك أمرا لازما. ولم يشأ أن يقبل أيّا من الأعذار التي كان يبديها الصّاحب.

إلى أن تناهى إلى سمع الصّاحب ذات يوم أن «شرف الدين» قد غضب على حفيد ملك «أخلاط» - وكان والحالة هذه منخرطا في زمرة أمرائه- وأنّه أجرى عليه حكم الإعدام. فبدا الانفعال على الصّاحب بذلك المقال، ووجّه لشرف الدين توبيخا كاملا على أنه بادر بهدم وجود إنسان، وما هو إلا بنيان الله، سيما وأنّه ابن ملك من الملوك «وأنه إنّما أصبح خادما لك بسبب ما جرى عليه من جور دورة الفلك. وإن الرضا بذلك إنما يبعد عن الدّيانة والمروءة».

فتوجّس «شرف الدين» خيفة من ذلك. وذات يوم بينما هو في أثناء التنزّة سلك بدوره طريق «أرزنجان»، وحرصا من الصّاحب على ألا يتفاقم العداء أوفد «تاج الدين سيمجوري» مع «نظام الدين أستاد الدار» إلى «شرف الدين». فلما لحقا به أجاب «شرف الدين» - لفرط تنمّره- بإجابات يعدّها ذوو العقول من


(١) كذا في الأصل، متعاقلان، كلمة عربية، وتعاقل: أرى من نفسه ذلك وليس به.