الأخبار والتقدّم كطليعة. فتوغّل في المروج، وأرادوا أن ينزلوا على شاطئ النهر ويسيطروا عليه. وفجأة وصلت إليهم طليعة السلطان وأخذ بحر من السيوف ينهمر عليهم، وأدّى التطام الفريقين واصطدام الطّائفتين إلى دقّ الرّؤوس في الخوذات والأبدان في الدّروع كما يدقّ لباب الفستق في الهاون، وحين تحوّل النّهار الأبيض إلى ليل بهيم بسبب ظلمة القتام والغبار أخذت كواكب الأسنّة وشهب النّصال تبرق.
وفي النهاية أسفر النّصر عن وجهه، وولّى الجيش الخوارزميّ الفرار، واندفع أبطال الوغى بجلبة وضجيج كالعفاريت خلف أولاد الأفّاقين أولئك، وصعقوا كل من وجدوه بسيل السّيوف فانقلبوا صاغرين.
وحين انكشفت صحراء المعركة- وكانت بحرا مواجا من دماء الأوداج- عن أشلاء الأعداء، وفرض [جند السّلطان] سيطرتهم على الماء والعشب، أرسلوا فارسا إلى أعتاب السلطان، وأخبروه بانكسار الخصم، وانهزام الجيش، واحتياز الماء والعشب، والتمسوا تحرك الرّكاب السلطاني إلى ذلك الموضع.
وفي الحال ضربوا الخيمة الملكيّة، ورفعوا الأعلام، وتحرّك الجيش كالجبال الحديديّة، وأخذوا خيمة السلطان إلى تلك المروج. فوصل الخبر إلى خوارزمشاه، فزايل الاطمئنان قلبه، وشرع في عتاب الأرزرومي.