للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسط العدل والتمسك بأهداب الدين، حتى انسلخ السلطان كلّية- بمجرد وصولهم المدينة- من لباس التعصّب والغرور والعجب والغفلة، وصار كروح الملك كلّه خير.

وفي اليوم التالي/ دعي الشيخ إلى قصر السلطنة حتى يلبس السلطان خلعة الخلافة ويضع على رأسه العمامة التي كانت قد كورت في بغداد، وعلى ملأ من الناس أتوا بمقرعة الحدود- وهي تقليد من تقاليد دار الخلافة- وأجروها على ظهر السلطان أربعين ضربة، وقادوا جنيبة (١) دار الخلافة ذات النّعل الذّهبي، فاستلم السلطان- بحضور الأنام كافّة- حافر جنيبة الإمام ثم ركب هو والشيخ المعظّم- كلّ منهما- جنيبته، وشاهد الناس جميعا السلطان على تلك الهيئة.

فلما عادا ووضعت المائدة ثم رفعت، بدأ منشدو الخاصّ السلطاني «السماع» (٢)، فتواجد (٣) كبار المريدين الذين كانوا قد قطعوا الأغوار والنّجود في صحبة الشّيخ، وتجلّى في كلّ الحاضرين شوق عظيم من ذوق ذلك السّماع، وفعل ذلك فعله في السلطان وجمع من الأمراء- سيما جلال الدين قراطاي- ولما تحوّل الشيخ إلى المنزل المبارك- وكان مهبطا للواردات الرّوحية- تكلّف السلطان [من النّقود والمتاع] (٤) تكلّفا يزيد عن الحدّ والقياس، وبعث به إلى الشيخ.


(١) كذا في الأصل: جنيبت، والكلمة عربية، ومعناها دابة.
(٢) السماع: مصطلح صوفي، ويعني ما يرتّل من أشعار وأذكار على وقع النّاي والدّف، لإثارة الطّرب والوجد في قلوب السامعين.
(٣) الوجد: مصطلح صوفي أيضا، وهو ما يرد على القلب دون تصنّع ولا تكلّف.
(٤) إضافة من أ. ع ص ٢٣٣.