والضّبط والرّبط وخيمة العظمة وديوان الرّفعة (١) سكت وقد طار لبّه وهمس مناجيا الله قائلا: يا ربّ الأرباب.
وحين أبلغ ملك الأمراء بوصول رسول ملك الرّوس أمر بأن يتقدم المضيفون لإنزاله في خيام الإكرام بمنتهى الحفاوة. وفي اليوم التالي أرسل في طلب الرّسول. وكان قد أمر قبل ذلك بتزيين الباب وخيمة القيادة بكل أبّهة ممكنة بأن يصطفّ هناك عدد من الشّباب المختارين وقد لبسوا السّلاح، وأن تنتظم خيول الدّورية بالطّوق واللّجام بمحاذاة الخيمة، وأن تغرق باقي الجيوش فوجا فوجا في الحديد المذهّب من مفرق الرّأس إلى حافر الحصان فتقف في كل ناحية وقد وضعت الرّماح على الأكتاف.
استراح المبعوث الرّوسي زمنا عند باب خيمة القيادة ثم دخل حضرة ملك الأمراء، فوضع رأسه بكل مذلّة على الأرض، وسلّم الرّسالة والتّحف فقبلها ملك الأمراء جميعا وفرّقها في الحال على الجيش، وأبقى عليه عنده ثلاثة أيام ثم دعا الأمراء في اليوم الرّابع/ وقال: طالما أنّ الروسي سلك طريق المداهنة فعلينا نحن إذن الإبقاء على أحكام السلطنة وشرعتها، ثم نعرض أمره على حضرة السلطان. فما الذي ترونه صوابا في هذا الشأن؟ قالوا جميعا: ما من فكر ولا رأي أفضل من هذا. فعندئذ استدعى الرّسول وقال له: إن السلطان لا يلقي أحد أبدا في هاوية الهوان دون ذنب اقترفه، بيد أنه لا يسمح بإهمال ولا إمهال في البطش بالمتمرّدين، (بيت):