الأبصار والأرواح تكمن في الأكباد بين أحداق كماة العسكر وآماقهم.
واتّصفت ذكور الصّوارم بصفة النسّاء الحيّض من كثرة إسالة الدّماء وإراقة الأمشاج. وصار معلوما لدى الأرواح أوان الانفصال وزمان الانقطاع عن الأشباح.
وانشغلت نفوس الشّهداء بتنفّس الصّعداء لإدراك مقام السّعداء.
ورغم أنّ الصّاحب «عزّ الدين» كان يشكو من آلام في رجله وضعف في جسده/ ثبت في تلك المعركة المهلكة كجبلي «ثهلان» و «حراء»، وكان يصابر وهو يودّع الحياة وراحات هذه الدنيا. وكان ممسكا بحربة قصيرة حادّة وقلبه قد انصهر بنار الحرب، فلمّا وصل إليه «المغل» تصدّى لهم، وأخذ يبصق عليهم في أثناء القتال، وفي النهاية نال درجة الشّهادة ومرتبة السّعادة.
ولما كان الأمراء الآخرون مكسوري الخاطر من جهة حضرة السلطنة فإنّهم لم يبلوا بلاء حسنا في الحرب، ولم يظهروا أمارات التّضحية والفداء، وإنما عدّوا الانهزام غنيمة، وسمحوا بمثل ذلك الغدر والخذلان حتى انتصر العدوّ، وأصبح جند السلطان نهبا للمصائب والبلايا.