للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحالف معهم جماعة من السّفلة و [الإخوان] (١)، وأمدّوهم بعيدان الحطب (٢) والقشّ. فلما احترقت البّوابة اندفع التّركمان إلى داخل المدينة، ولما أبلغوا النّائب بتلك الجرأة، ركب لدفعهم حتى وصل إلى البّوابة، وحين رآهم يحرقون الباب وأن الأمر يتجاوز حدّ التدارك، عدّ الفرار لازما فتحنّك بشال العمامة (٣) وأخذ يركض هنا وهناك، ويقول بصوت عال لخداع الأتراك/: أين النّائب؟ وأخذ يكرّر ذلك.

حتى إذا وصل إلى باب قصره نزل، ودخل من البّوابة متلصّصا واختفى ببيت أحد أتباعه.

وانتشر التّركمان المفسدون في المدينة كالجراد المنتشر، فحطموا أبواب الأنزال (٤) - وكانت مخازن لتجار الدّيار والأمصار- كما حطّموا أبواب قصور الأمراء وبيوتهم بالعصىّ والبلط، وجمعوا الأمتعة وربطوها رزما وملأوا الأكياس بالنّقود، وظهرت للعيان من جديد حكاية الغزّ واستيلائهم على نيسابور (٥).

وفي اليوم التالي أتوا «بالجمري» فأدخلوه المدينة، وأجلسوه في دار الحكم


(١) إضافة من أ. ع، ٦٩١.
(٢) كذا في أ. ع، أيضا: نى، وفي الأصل: دونى: وعاء كبير.
(٣) في الأصل: أدار شال العمامة على رأسه على شكل: تحت الحنك. وفي القاموس تحنّك: أدار العمامة من تحت حنكه.
(٤) في الأصل: كاروانسراها: جمع نزل، وهو ما يشبه الفندق في أيامنا هذه.
(٥) عبارة الأصل مضطربة للغاية، راجع أ. ع، ٦٩٢. وكان الأتراك الغزّ قد اجتاحوا خراسان في عهد السلطان «سنجر السلجوقى» سنة ٥٤٨ هـ، وهزموا السلطان نفسه واعتقلوه، وألحقوا الدّمار الشدّيد حينذاك بمدن خراسان العامرة. انظر ابن الأثير في حوادث السنة المذكورة: الكامل ١١: ١٧٦.