واندفع السّلاجقة في اجتياحهم- عند ذاك- لمنطقة آسيا الصغرى حتى بلغوا «نيقية» على ساحل بحر «مرمرة» فاتّخذوها عاصمة لدولتهم التى أسّست في سنة ٤٧٠ هـ (١٠٧٨ م) كجناح من أجنحة الإمبراطورية السّلجوقية العظمى التي كانت تتمركز في إيران. وقد أطلق على هذا الجناح اسم «سلاجقة الروم».
ثم ما لبثوا- بعد بضعة أعوام- أن نقلوا عاصمتهم إلى «قونية» تحت الضّغط المتواصل للحملات الصليبية.
كان «سليمان بن قتلمش بن إسرائيل بن أرسلان بن سلجوق» قد أبلى بلاء حسنا فى معركة «ملازكرد» وفتوحات الأناضول، فأصدر السلطان ملكشاه (ت: ٤٨٥ هـ- ١٠٩٢ م) قرارا بتنصيبه ملكا لذلك الجناح الشّمالي الغربي من الإمبراطورية، وما لبث «سلاجقة الرّوم» أن استقلوا بدولتهم التي تعاقب أبناء سليمان بن قتلمش على عرشها حتى انقضت في النهاية سنة ٧٠٨ هـ (١٣٠٩ م) بوفاة آخر سلاطينها غياث الدين مسعود الثالث.
كانت الدّولة السّلجوقية الكبرى قد انقسمت بعد وفاة السلطان ملكشاه إلى عدّة دول مستقلّة، سمّيت كلّ واحدة منها باسم المنطقة التي تسيطر عليها، فكانت هناك دولة سلاجقة إيران والعراق، وسلاجقة كرمان، وسلاجقة الرّوم.
واحتفظ لنا التاريخ بتسجيل للوقائع والأحداث التي جرت في كل دولة من تلك الدّول (١).
(١) انظر سلاجقة العراق: تاريخ دولة آل سلجوق (بالعربية) للعماد الإصفهاني، وقد اختصره الفتح بن علي بن محمد البنداري، ونشر بمصر سنة ١٩٠٠ م. وفي سلاجقة إيران والعراق: راحة الصّدور وآية السّرور (بالفارسية) لنجم الدين أبي بكر محمد الرّاوندي، نشر في ليدن ١٩٢١. وقد ترجمه إلى العربية الأساتذة: إبراهيم الشواربي، وعبد النّعيم حسنين، وفؤاد الصيّاد، ونشر بالقاهرة سنة ١٩٦٠ م. وفي-