للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضع السلطان قدمه في الركاب أخذ الغاشية (١) من الركابي ووضعها على كتفه ومشى، فلما سار مدّة أمره السلطان بأن يعطي الغاشية للركابي، ويركب هو الحصان. وظلا يسيران في الطّريق جنبا إلى جنب يتجاذبان أطراف الحديث.

سار السلطان ساعة على أطراف السّواحل، ثم عطف العنان صوب المدينة وطلب الخوان وزين المحفل. وبذل الكثير من الإعزار لتكور حين أثرّ فيه الخمر، وأذن له بأن يحمل معه كل من يريد من أهله ومن يتّصلون به، وأن يسلك الطريق نحو إقليمه [دون مانع أو منازع] (٢).

وبعد الوداع ركب سفينة وأبحر صوب «جانيت».

ثم إن السلطان أصدر أمرا بأن يتم اختيار سيّد من كفاة الأغنياء ويبعث به إلى «سينوب»، ويشترى ملكه وعقاره- برضاه- من ديوان الخاص السلطاني، ويعطى قيمة ذلك كله.

وبموجب هذا الحكم بعث إلى سينوب بسادة أعيان من نواحي البلاد.

ثم إن النواب دعوا جميع الفارّين وأعادوهم إلى الماء واليابسة، وحوّلوا الكنيسة إلى مسجد جامع، ونصبوا الخطيب والمنبر والمؤذّن، وعيّنوا حارس القلعة والمحافظين، وبادروا بترميم ثغرات السّور، وسمي أحد الأمراء قائدا للجيش، وجعل بصحبته جيش مهيب للدفاع عن ذلك الثغر.


(١) الغاشية: «وهي غاشية سرج من أديم مخروزة بالذهب .. تحمل بين يديه [يعني السلطان] عند الركوب في المواكب الحفلة كالميادين والأعياد ونحوها، يحملها أحد الركابدارية، رافعا لها على يديه يلفتها يمينا وشمالا» (صبح الأعشى ٤: ٧).
(٢) إضافة من أ. ع، ص ١٥٤.